يرجى الإلتفات إلى النقاط التالية:
١ . إنّ للذّنب أثرين: الأثر الوضعيّ والأثر التكليفي والتوبة إذ قبلت تمحو الأثر التكليفيّ وهو العذاب المقرّر شرعًا في الدّنيا والآخرة ولا تمحو الأثر الوضعيّ وهو ما يترتّب على الذّنب بشكل طبيعيّ وكان الهبوط من الجنّة أثرًا وضعيًّا لذنب آدم عليه السلام؛ لأنّه لمّا ذاق الشجرة فُتح له باب من العلم يقتضي تكليفًا جديدًا مناسبًا للحياة الدّنيا؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:
«سَأَلْتُ الْعَالِمَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ مَا كَانَتِ الشَّجَرَةُ؟ قَالَ: كَانَتِ الْأَمَانَةَ، فَرَءآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾؟! قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهَا كَانَتِ التُّفَّاحَ! قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! إِنَّ ثِمَارَ الْجَنَّةِ لَيْسَتْ كَثِمَارِ الدُّنْيَا، إِنَّهَا الْعِلْمُ، وَإِنْ كَانَتِ التُّفَّاحَ!»
٢ . الظاهر أنّ الجنّة التي سكنها آدم عليه السلام هي الجنّة الموعودة في القرآن؛ لأنّ الجنّة إذا أطلقت انصرفت إليها ويؤيّد ذلك قول اللّه تعالى لآدم عليه السلام: ﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى﴾؛ إذ لا شكّ أنّ هذا من صفات الجنّة الموعودة وليس من صفات جنّة من جنّات الدنيا ولا تُعرف جنّة غيرهما وليس من الممتنع إخراج إنسان من الجنّة الموعودة؛ لقول اللّه تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ﴾؛ حيث أنّ الإستثناء بالمشيئة يدلّ على إمكان الخروج منها وليس إخراج إنسان منها بأعظم من إخراج من أقامه في السماء مقام الملائكة ثمّ قال له: ﴿فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾. نعم، لن يشاء اللّه خروج أحد من الجنّة بعد خروجه من الدّنيا؛ لقوله تعالى: ﴿سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ۚ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾ وإنّما شاء خروج آدم عليه السلام منها قبل أن يدخل الدّنيا؛ لأنّ خروجه منها في ذلك الوقت لم يكن مخالفًا لوعد اللّه ولذلك كان جائزًا.
الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني
قسم الإجابة على الأسئلة