ما رأي العلامة المنصور الهاشمي الخراساني في العلوم العقليّة الأخرى ماعدا الفلسفة؛ مثل علم المنطق وعلم الكلام؟ نظرًا لأنّه أشار إلى أنّه لا يحبّ الفلسفة؛ لأنّه يعتبرها تجريديّة وغير تطبيقيّة إلى حدّ كبير. هل له نفس الرأي في علم المنطق وعلم الكلام والعلوم العقليّة الأخرى التي تدرس في المدارس والجامعات؟
علم الكلام علم تطبيقي ومفيد إذا كان الغرض منه معرفة عقائد الإسلام على أساس البرهان، والدفاع عنها أمام شبهات المنكرين؛ كما يدلّ على ذلك قول اللّه تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾[١] وقوله تعالى: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾[٢]، لا المجادلة من خلال المغالطة واللعب بالمصطلحات للدفاع عن العقائد التي لا برهان عليها؛ كما يدلّ على ذلك قول اللّه تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ﴾[٣] وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ ۚ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[٤] وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾[٥]، وعلى هذا يُحمل ما روي في ذمّ الكلام من الأحاديث والآثار، كما جمعه أبو الفضل الرازي (ت٤٥٤ه) في كتاب «أحاديث في ذمّ الكلام وأهله» وأبو إسماعيل الهرويّ (ت٤٨١ه) في كتاب «ذمّ الكلام وأهله». هكذا، فإنّ جزءًا من علم المنطق يساعد على معرفة مبادئ التفكير والإستدلال، ويمنع الإغترار بالمغالطات هو تطبيقيّ ومفيد، لكن بعض أجزائه زائدة عن الحاجة وغير ضروريّة، ومن هذه الناحية، فهي شبيهة بالفلسفة.