هل يجوز تقليد العلماء في حالة العلم بأدلّتهم؟
كما هو معلوم من صريح عبارة العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى في كتاب «العودة إلى الإسلام»[١]، فإنّ التقليد يعني العمل على قول الغير أو فعله بدون دليل، ولذلك فإنّ العمل على قول الغير أو فعله مع دليل لا يُعتبر تقليدًا، بل هو اتّباع للدليل ومن ثمّ، فإنّ العمل بفتاوى العلماء إذا قدّموا لها أدلّة مقنعة من كتاب اللّه أو سنّة النّبيّ المتواترة أو العقل السليم جائز، بل واجب؛ لأنّ العمل بها في هذه الحالة يعتبر عملًا بكتاب اللّه أو سنّة النّبيّ المتواترة أو العقل السليم.
نعم، إذا كانت أدلّة العلماء على فتاواهم غير يقينيّة ومن قبيل خبر الواحد أو الإجماع أو الشهرة، فإنّ العمل بها غير جائز؛ لأنّ الظنّ لا يُعتبر كافيًا في الإسلام، وفي هذه الحالة يجب الرّجوع المباشر إلى كتاب اللّه أو سنّة النّبيّ المتواترة أو العقل السليم، للفحص عن الأدلّة اليقينيّة مع احتمال وجودها، ومع عدم احتمال وجودها أو عدم حصول نتيجة للفحص، يتعيّن الرجوع إلى الأصول الأوّليّة مثل أصل الإباحة والحظر، أو الأصول العمليّة مثل البراءة والإحتياط والتخيير والإستصحاب؛ شريطة أن يكون قد تمّ اتّخاذ الإجراء اللازم للوصول إلى خليفة اللّه في الأرض؛ لأنّ الرجوع إلى الأصول الأوّليّة أو العمليّة قبل اتّخاذ مثل هذا الإجراء، هو مثل الرجوع إليها في حالة وجود الدليل وهو غير مجزئ، والإجراء اللازم للوصول إلى خليفة اللّه في الأرض هو إجابة وإعانة المنصور الهاشمي الخراساني الذي يدعو إلى المهديّ ويمهّد لظهوره بطريقة معقولة ومشروعة و﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾[٢].
هذا هو الصراط المستقيم الذي من سار فيه فقد أفلح، ومن أعرض عنه فقد ضلّ، ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾[٣].