هل قول «أشهد أنّ عليًّا وليّ اللّه» في الأذان يبطله؟ علماء الشيعة لا يعتبرونه جزءًا من الأذان، لكنّهم لا ينهون عنه ويستدلّون بالآية ٥٥ من سورة المائدة. هل السيّد الخراسانيّ يوافقهم في هذه المسألة؟
ليس هناك شكّ في أنّ عليّ بن أبي طالب وليّ اللّه، ولكنّ الأذان عبادة خاصّة شرّعها اللّه ورسوله، ولا يجوز لأحد أن يزيد فيها شيئًا، وإن كان ذلك حقًّا في حدّ ذاته؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:
«سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنْ قَوْلِ الشِّيعَةِ فِي الْأَذَانِ: <أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا وَلِيُّ اللَّهِ>، فَقَالَ: بِدْعَةٌ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ لَأَعْجَبُ مِنْ قَوْمٍ يُنَاقِضُونَ أَنْفُسَهُمْ عَلَى كُلِّ مِئْذَنَةٍ! قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ أَصْلَحَكَ اللَّهُ، قَالَ: يَشْهَدُونَ أَنَّ عَلِيًّا وَلِيُّ اللَّهِ وَهُمْ يُخَالِفُونَهُ فَيُؤَذِّنُونَ بِمَا لَمْ يُؤَذِّنْ بِهِ! وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ هَذَا فِي أَذَانِهِ وَلَا يَأْمُرُ بِهِ!»
لذلك، فلا يجوز قول «أشهد أنّ عليًّا وليّ اللّه» في الأذان مع الإعتقاد بأنّه من الأذان، وإن قال ذلك أحد دون الإعتقاد بأنّه من الأذان فهو تكلّم في أثناء الأذان وذلك مكروه في المذاهب كلّها، وللشافعي قول باستحباب الإعادة، وإن قاله في الإقامة استأنف؛ لأنّها بمنزلة جزء من الصلاة؛ كما روى أبو هارون المكفوف قال: «قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا أَبَا هَارُونَ! الْإِقَامَةُ مِنَ الصَّلَاةِ، فَإِذَا أَقَمْتَ فَلَا تَتَكَلَّمْ وَلَا تُؤْمِ بِيَدِكَ»[١]، وروى عمرو بن أبي نصر قال: «قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَيَتَكَلَّمُ الرَّجُلُ فِي الْأَذَانِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ، قُلْتُ: فِي الْإِقَامَةِ؟ قَالَ: لَا»[٢]، وروى محمّد بن مسلم قال: «قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا تَتَكَلَّمْ إِذَا أَقَمْتَ لِلصَّلَاةِ، فَإِنَّكَ إِذَا تَكَلَّمْتَ أَعَدْتَ الْإِقَامَةَ»[٣]، ومن العجيب أنّ الشيعة يلومون السنّة على قولهم «الصّلاة خير من النوم» لعدم وروده في الأذان من وجه ثابت، لكنّهم يقولون ما يشبهه، بل هو أوهن منه! ﴿كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[٤]! وهذه حقيقة لم تخف عن علماء الشيعة المتقدّمين؛ كما صرّح محمّد بن عليّ بن بابويه (ت٣٨١ه) المعروف بالشيخ الصّدوق في كتابه «من لا يحضره الفقيه»[٥] أنّ هذا القول في الأذان هو من بدع «المفوّضة لعنهم اللّه» الذين دلّسوا أنفسهم في جملة الشيعة!