كاتب السؤال: ياور تاريخ السؤال: ١٤٤٠/١/٢٣

ما حكم إمامة المرأة في الصلاة؟

الاجابة على السؤال: ١ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٤٠/١/٢٦

لا يصلح للمرأة أن تؤمّ الرجال في الصلاة؛ لأنّ اللّه قال: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ[١]، وقال: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ[٢]، ووجه الدلالة -كما قال الشافعيّ- هو أنّه لمّا كانت الصلاة ممّا يقوم به الإمام على المأموم، لم يجز أن تكون المرأة التي عليها القيّم قيّمة على قيّمها، ولمّا كانت الإمامة درجة فضل، لم يجز أن يكون لها درجة الفضل على من جعل اللّه له عليها درجة[٣]، ويؤيّد ذلك قوله تعالى: ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ[٤]؛ اعتبارًا لأنّ ﴿الرَّاكِعِينَ رجال، فأمرها بالصلاة معهم، بمعنى الإقتداء بهم، ولأنّ المحبوب عند اللّه احتجاب المرأة عن الرجال وابتعادها عن مرآهم ومسمعهم، وهو يفوت بإمامتها لهم؛ نظرًا لأنّهم من أجل الإقتداء بها لا بدّ لهم من النظر والإستماع إليها في قيامها وركوعها وسجودها، وقد يوجد فيهم من يعجبه جسمها أو صوتها، فيلحقه من الإثم ما لا يدركه من الثواب! من أجل ذلك لم تؤمّ امرأة رجلًا على عهد النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ولا عهد الصحابة والتابعين، وكان متسالمًا عليه بينهم تأخّر النساء عن الرجال في المساجد والبيوت؛ كما كان عبد اللّه بن مسعود يقول: «أَخِّرُوهُنَّ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ»[٥]، وقد جاء عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا»[٦]، وهذا نصّ، ولهذه الوجوه اتّفق الفقهاء على القول بعدم جواز إمامة المرأة للرجال، إلّا أبا ثور والطبريّ؛ فإنّه يُنسب إليهما القول بجوازها إذا كانت المرأة أقرأ من الرجال، تعلّقًا بقول النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ»[٧]، مع أنّ الضمير فيه للمذكّر، فيعني أقرأ الرجال.

نعم، لا بأس بإمامة المرأة للنساء، لا سيّما إذا قامت معهنّ في الصفّ، وبه قال عطاء، ومجاهد، وابن جريج، والثوريّ، والأوزاعيّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وهو أصحّ الروايتين عن أهل البيت، وقد جاء في «مسند زيد»، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ عليهم السلام، قال: «دَخَلْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ يُصَلِّينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، أَيُّ صَلَاةٍ يُصَلِّينَ؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْمَكْتُوبَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَفَلَا أَمَمْتِهِنَّ؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَ يَصْلُحُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَقُومِينَ وَسَطَهُنَّ، لَا هُنَّ أَمَامَكِ، وَلَا خَلْفَكِ، وَلْيَكُنَّ عَنْ يَمِينِكِ وَعَنْ شِمَالِكِ»[٨]، ولذلك كانت أمّ سلمة تؤمّهنّ في الفريضة، فتقوم وسطهنّ[٩]، وكذلك عائشة[١٠]، وقد روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أمر أمّ ورقة بنت عبد اللّه بن الحارث أن تتّخذ مؤذّنًا، وتؤمّ النساء من أهل دارها في الفريضة[١١]، وقالت طائفة: تؤمّ المرأة في النافلة دون الفريضة، وهو الرواية الأخرى عن أهل البيت، وقد حُملت على الكراهية دون الحظر[١٢]، والكراهية قول أبي حنيفة، وقالت طائفة: لا تؤمّ المرأة في فريضة ولا نافلة، وبه قال سليمان بن يسار، والحسن البصريّ، وهو مرويّ عن عمر بن عبد العزيز، وقال نافع مولى ابن عمر: «لَا أَعْلَمُ الْمَرْأَةَ تَؤُمُّ النِّسَاءَ»[١٣]، وقال مالك: «لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَؤُمَّ أَحَدًا»[١٤]، والصحيح ما قلنا من الجواز، لعدم المانع من ذلك في الكتاب والسنّة، ولا وجه لتحريم ما لم يحرّمه اللّه ورسوله، وروي عن عليّ بن جعفر بن محمّد أنّه سأل أخاه موسى عن النساء، هل عليهنّ الجهر بالقراءة في الفريضة والنافلة؟ فقال: «لَا، إِلَّا أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً تَؤُمُّ النِّسَاءَ، فَتَجْهَرُ بِقَدْرِ مَا تُسْمِعُ قِرَاءَتَهَا»[١٥]، قال: قلت: «مَا حَدُّ رَفْعِ صَوْتِهَا بِالْقِرَاءَةِ وَالتَّكْبِيرِ؟» قال: «قَدْرَ مَا تُسْمِعُ»[١٦].

↑[١] . النّساء/ ٣٤
↑[٢] . البقرة/ ٢٢٨
↑[٣] . انظر: تفسير الشافعي، ج٢، ص٦٠٣.
↑[٤] . آل عمران/ ٤٣
↑[٥] . مصنف عبد الرزاق، ج٣، ص١٤٩؛ صحيح ابن خزيمة، ج٣، ص٩٩؛ المعجم الكبير للطبراني، ج٩، ص٢٩٥
↑[٦] . المنتخب من مسند عبد بن حميد، ص٣٤٤؛ سنن ابن ماجه، ج١، ص٣٤٣؛ مسند أبي يعلى، ج٣، ص٣٨١؛ جزء ابن فيل، ص٧٥؛ مسند عمر بن عبد العزيز للباغندي، ص١٧٠؛ المعجم الأوسط للطبراني، ج٢، ص٦٤؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٣، ص١٢٨
↑[٧] . مسند أبي داود الطيالسي، ج٢، ص١٣؛ مصنف عبد الرزاق، ج٢، ص٣٨٨؛ مسند الحميدي، ج١، ص٤١٧؛ فضائل القرآن لأبي عبيد، ص٩١؛ مسند ابن الجعد، ص١٣٤؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج١، ص٣٠١؛ مسند أحمد، ج٢٨، ص٢٩٥؛ صحيح مسلم، ج٢، ص١٣٣؛ سنن ابن ماجه، ج١، ص٣١٣؛ سنن أبي داود، ج١، ص١٥٩؛ سنن الترمذي، ج١، ص٤٥٨؛ مسند البزار، ج١٥، ص٣١٤؛ سنن النسائي، ج٢، ص٧٦
↑[٨] . مسند زيد بن علي، ص١٢٦
↑[٩] . انظر: مسند الشافعي، ص٥٣؛ مصنف عبد الرزاق، ج٣، ص١٤٠؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، ج١٠، ص٤٤٨؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج١، ص٤٣٠؛ مختصر المزني، ج١، ص١٣٨؛ مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر للمروزي، ص٢٢٧؛ الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف لابن المنذر، ج٤، ص٢٢٧؛ سنن الدارقطني، ج٢، ص٢٦٤؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٣، ص١٨٧.
↑[١٠] . انظر: مصنف عبد الرزاق، ج٣، ص١٤٠؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، ج١٠، ص٤٤٧؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج١، ص٤٣٠؛ مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر للمروزي، ص٢٢٧.
↑[١١] . انظر: الصلاة لأبي نعيم الفضل بن دكين، ص٢٠٧؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، ج١٠، ص٤٢٤؛ مسند إسحاق بن راهويه، ج٥، ص٢٣٤؛ مسند أحمد، ج٤٥، ص٢٥٥؛ سنن أبي داود، ج١، ص١٦١؛ مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر للمروزي، ص٢٢٨؛ صحيح ابن خزيمة، ج٣، ص٨٩؛ المعجم الكبير للطبراني، ج٢٥، ص١٣٤؛ سنن الدارقطني، ج٢، ص٢١؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج١، ص٣٢٠؛ معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني، ج٢، ص٩٦٤.
↑[١٢] . انظر: الإستبصار فيما اختلف من الأخبار للطوسي، ج١، ص٤٢٧.
↑[١٣] . مصنف ابن أبي شيبة، ج١، ص٤٣٠؛ مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر للمروزي، ص٢٢٨؛ الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف لابن المنذر، ج٤، ص٢٢٧
↑[١٤] . مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر للمروزي، ص٢٢٨؛ الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر، ج٢، ص١٤٩
↑[١٥] . مسائل علي بن جعفر، ص٢٣٧
↑[١٦] . مسائل علي بن جعفر، ص٢٥٥