كاتب السؤال: زهراء تاريخ السؤال: ١٤٤٥/٤/٢٠

هل تجوز تربية القطط في المنازل؟

وهل تصحّ الصلاة وعلى ثيابي شعر قطّ؟

الاجابة على السؤال: ٢٠ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٤٥/٥/٧

يرجى ملاحظة ما يلي:

١ . لا بأس بأن يكون في البيت هرّ قد سكنه بغير إرادة أهله، وقد تواترت الأخبار عن أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأهل بيته في أنّ الهرّ إذا سكن البيت فهو كبعض أهل البيت[١]، ولا يجوز تعذيبه قطعًا؛ كما صحّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ، حَتَّى مَاتَتْ»[٢]، ولكن هل يجوز إسكانه البيت عمدًا بأخذه أو شرائه؟ فيه قولان:

الأوّل أنّه يجوز، وهو مرويّ عن ابن عبّاس، وابن سيرين، والحكم، وعطاء، وحماد بن أبي سليمان، ومالك، والثوريّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وقد يُحتجّ لذلك بأصالة الإباحة، وما روي عن أبي هريرة أنّه قال: «كَانَ اسْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَبْدَ شَمْسِ بْنِ صَخْرٍ، فَسُمِّيتُ فِي الْإِسْلَامِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَإِنَّمَا كَنُّونِي بِأَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنِّي كُنْتُ أَرْعَى غَنَمًا لِأَهْلِي، فَوَجَدْتُ أَوْلَادَ هِرَّةٍ وَحْشِيَّةٍ، فَجَعَلْتُهَا فِي كُمِّي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَيْهِمْ سَمِعُوا أَصْوَاتَ الْهِرِّ مِنْ حِجْرِي، فَقَالُوا: مَا هَذَا يَا عَبْدَ شَمْسٍ؟! فَقُلْتُ: أَوْلَادُ هِرٍّ وَجَدْتُهَا، قَالُوا: فَأَنْتَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَلَزِمَتْنِي بَعْدُ»[٣]، ولا حجّة في ذلك؛ لأنّه من فعل أبي هريرة، وكان قبل إسلامه.

الثاني أنّه لا يجوز، وهو مرويّ عن أبي هريرة، وجابر بن عبد اللّه، ومجاهد، وطاووس، وجابر بن زيد، والأوزاعيّ، وأصحاب الظاهر، واحتجّوا لذلك بما روي عن جابر بن عبد اللّه «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْهِرِّ»[٤]، وليس في شيء من الروايات أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو أحدًا من أهل بيته أخذ هرًّا وجاء به إلى البيت ليقتنيه، وقد كان الهرّ يدخل عليهم أو يسكن بيوتهم، فيطعمونه ترحّمًا وإحسانًا، لما جاء عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ»[٥]، وقال: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ»[٦].

وقد فصّل الحسن البصريّ فقال: «لَا بَأْسَ بِشِرَائِهِ، كُرِهَ ثَمَنُهُ لِلْبَائِعِ»[٧]، وليس بشيء؛ لأنّ ما كُره بيعه كُره شراؤه لكراهية التعاون على الإثم والعدوان، والصحيح الذي يقول به السيّد المنصور حفظه اللّه تعالى جواز إسكانه البيت عمدًا بأخذه أو شرائه إذا كان لغرض عقلائيّ كدفع أذى الفأر أو لعب الطفل الذي لم يبلغ الحلم، وعدم جواز ذلك إذا كان لغرض غير عقلائيّ كلعب رجل بالغ أو امرأة بالغة؛ فإنّه من اللغو، وقد وصف اللّه المؤمنين بأنّهم ﴿عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ[٨]، وعلى الأوّل يُحمل ما روي عن أهل البيت من أنّه «لَا بَأْسَ بِثَمَنِ الْهِرِّ»[٩] إن صحّت الرواية، وعلى الثاني يُحمل ما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من النهي.

٢ . المشهور بين المسلمين أنّ الهرّ ليس بنجس، وروي عن عبد اللّه بن عمر، ويحيى بن سعيد، وابن أبي ليلى أنّهم كرهوا سؤره، وبه قال أبو حنيفة، وروي عن أبي هريرة أنّه قال في الهرّ يلغ في الإناء: «يُغْسَلُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ»[١٠]، وفي رواية أخرى: «يُغْسَلُ سَبْعَ مَرَّاتٍ»[١١]، وروي مثل ذلك عن عطاء، وطاووس، والحسن، وقتادة، وابن سيرين، وسعيد بن المسيّب، بل روي عن عطاء أنّه قال: «هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْكَلْبِ، أَوْ شَرٌّ مِنْهُ»[١٢]، والصحيح عند السيّد المنصور حفظه اللّه تعالى هو المشهور، لأصالة الطهارة، ولما جاء عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ أَوِ الطَّوَّافَاتِ»[١٣].

نعم، بوله وغائطه نجسان؛ لأنّه ممّا يأكل اللحم، وقد يكون الميتة والدم، وبهذا قال أكثر الفقهاء، وروي عن أهل البيت: «إِنْ أَصَابَ الثَّوْبَ شَيْءٌ مِنْ بَوْلِ السِّنَّوْرِ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ حَتَّى تَغْسِلَهُ»[١٤].

↑[١] . انظر: الآثار لأبي يوسف، ص٧؛ الآثار لمحمد بن الحسن، ج١، ص١١؛ الطهور لأبي عبيد، ص٢٧٦؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج١، ص٣٦؛ مسند أحمد، ج٣٧، ص٣١٦؛ صحيح ابن خزيمة، ج١، ص٥٤؛ سنن الدارقطني، ج١، ص١١٦؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج١، ص٣٧٣؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج١، ص٢٢٦.
↑[٢] . صحيفة همام بن منبه، ص٥١؛ مسند أبي حنيفة (رواية الحصكفي)، الحديث ٨٨؛ الجامع لمعمر بن راشد، ج١١، ص٢٨٤؛ الآثار لأبي يوسف، ص٥٤؛ مسند أبي داود الطيالسي، ج٣، ص٣١٢؛ مسند إسحاق بن راهويه، ج١، ص١٤٧؛ مسند أحمد، ج١١، ص٢١؛ صحيح البخاري، ج٣، ص١١٢؛ صحيح مسلم، ج٣، ص٣١؛ سنن ابن ماجه، ج١، ص٤٠٢؛ مسند البزار، ج١٢، ص١٤٩؛ سنن النسائي، ج٣، ص١٣٩.
↑[٣] . سيرة ابن اسحاق، ص٢٨٦؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٣، ص٥٧٩؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر، ج٤، ص١٧٦٩
↑[٤] . انظر: مصنف ابن أبي شيبة، ج٤، ص٤٠٢؛ مسند أحمد، ج٢٢، ص٧٥؛ صحيح مسلم، ج٥، ص٣٥؛ سنن ابن ماجه، ج٢، ص٧٣١؛ سنن أبي داود، ج٣، ص٢٧٨؛ سنن الترمذي، ج٣، ص٥٦٩؛ سنن النسائي، ج٧، ص١٩٠.
↑[٥] . الجامع لمعمر بن راشد، ج١١، ص٢٩٨؛ مصنف عبد الرزاق، ج٣، ص٥٥٢؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٥، ص٢١٥؛ مسند أحمد، ج١٢، ص١٧؛ صحيح البخاري، ج٨، ص٧؛ صحيح مسلم، ج٧، ص٧٧؛ سنن أبي داود، ج٤، ص٣٥٥؛ سنن الترمذي، ج٤، ص٣١٨؛ مسند البزار، ج٩، ص٤٢
↑[٦] . السنن المأثورة للشافعي، ص٤١٣؛ مسند أبي داود الطيالسي، ج٢، ص٤٤٣؛ مصنف عبد الرزاق، ج٤، ص٤٩٢؛ مسند أحمد، ج٢٨، ص٣٣٧؛ صحيح مسلم، ج٦، ص٧٢؛ سنن ابن ماجه، ج٢، ص١٠٥٨؛ سنن أبي داود، ج٣، ص١٠٠؛ سنن الترمذي، ج٤، ص٢٣؛ سنن النسائي، ج٧، ص٢٢٧
↑[٧] . مصنف ابن أبي شيبة، ج٤، ص٤٠٢
↑[٨] . المؤمنون/ ٣
↑[٩] . تهذيب الأحكام للطوسي، ج٦، ص٣٥٦
↑[١٠] . انظر: مصنف عبد الرزاق، ج١، ص٩٩؛ الطهور لأبي عبيد، ص٢٨٠؛ سنن أبي داود، ج١، ص١٩؛ سنن الترمذي، ج١، ص١٥١؛ الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف لابن المنذر، ج١، ص٣٠٠؛ سنن الدارقطني، ج١، ص١١١؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج١، ص٢٦٥.
↑[١١] . مصنف ابن أبي شيبة، ج١، ص٣٧؛ الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف لابن المنذر، ج١، ص٣٠٠؛ سنن الدارقطني، ج١، ص١١١ و١١٤
↑[١٢] . مصنف عبد الرزاق، ج١، ص٩٨؛ سنن الدارقطني، ج١، ص١١٤
↑[١٣] . موطأ مالك (رواية يحيى)، ج١، ص٢٢؛ مسند الشافعي، ص٩؛ مصنف عبد الرزاق، ج١، ص١٠٠؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج١، ص٣٦؛ مسند أحمد، ج٣٧، ص٣١٦؛ مسند الدارمي، ج١، ص٥٧١؛ سنن أبي داود، ج١، ص١٩؛ سنن الترمذي، ج١، ص١٥٣؛ سنن النسائي، ج١، ص٥٥
↑[١٤] . الكافي للكليني، ج٣، ص٥٦؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج١، ص٤٢٠