كاتب الشبهة: م. أ تاريخ الشبهة: ١٤٤٥/٢/٢٨

أريد تفصيلًا من الشيخ المنصور أو من ينوب عنه حول حديث عليّ: «يُدْعَى كُلُّ قَوْمٍ بِإِمَامِ زَمَانِهِمْ، وَكِتَابِ رَبِّهِمْ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ». أريد أسانيده في كتب السنّة ومدى صحّتها. أمّا الشيعة فهذه العقيدة معروفة ومتواترة عندهم، وليسوا بحاجة إلى دراسة الثبوت، لكنّ عقيدة الإمامة لا تكاد تُعرف في المحيط السنّيّ، وإن عُرفت بفهم خاطيء وتخليط، وأغلبهم يظنّونها بدعة شيعيّة. فمن إقامة الحجّة عليهم التفصيل فيها من كتبهم أكثر من غيرهم، وحتى يطمئنّ طالب الحقّ للأمر، ويبدأ في البحث عن الإمام.

الاجابة على الشبهة: ٥ تاريخ الاجابة على الشبهة: ١٤٤٥/٣/٥

حقيقة أنّ الإمامة من عند اللّه وأنّ الأرض لا تخلو من إمام من عنده، ليست عقيدة شيعيّة، لكنّها مبنيّة على نصوص القرآن الكريم والأحاديث المتواترة عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأهل بيته المطهّرين، بعد دلالة العقل السليم، وقد قام السيّد المنصور حفظه اللّه تعالى بعرض الآيات والأحاديث وتبيينها في الباب الأوّل من دروسه «تنبيه الغافلين على أنّ في الأرض خليفة للّه ربّ العالمين»، فراجع هذا الباب، واقرأه بعناية من البداية إلى النهاية، حتّى يتبيّن لك أنّ الأمر كما وصفنا، ومن الواضح أنّ الحقّ لا يُترك لاعتقاد المخالفين به؛ فقد قال اللّه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[١].

أمّا حديث «يُدْعَى كُلُّ قَوْمٍ بِإِمَامِ زَمَانِهِمْ»، فقد روي عن أهل البيت بثلاثة أسانيد يقوّي بعضها بعضًا، «وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ، ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ [ت٤٢٧ه‍] وَالدَّيْلَمِيُّ [ت٥٠٩ه‍] وَالْقُرْطُبِيُّ [ت٦٧١ه‍] وَالسُّيُوطِيُّ [ت٩١١ه‍] وَغَيْرُهُمْ» من أهل السنّة، كما قال السيّد المنصور حفظه اللّه تعالى في «الملاحظة»[٢]. ثمّ إنّه تفسير قول اللّه تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ[٣]، وهو تفسير صحيح بغضّ النظر عن قائله؛ «كَمَا قَالَ الطَّبَرِيُّ [ت٣١٠ه‍] بَعْدَ ذِكْرِ أَقْوَالِ الْمُفَسِّرِينَ: أَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمُ الَّذِي كَانُوا يَقْتَدُونَ بِهِ وَيَأْتَمُّونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ الْإِمَامَ فِيمَا ائْتُمَّ وَاقْتُدِيَ بِهِ، وَتَوْجِيهُ مَعَانِي كَلَامِ اللَّهِ إِلَى الْأَشْهَرِ أَوْلَى مَا لَمْ تَثْبُتْ حُجَّةٌ بِخِلَافِهِ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا»[٤]، ومن الواضح أنّ الطبريّ لم يكن من الشيعة، ولم يتعرّض لهذا الحديث أصلًا، وإنّما قال ذلك اعتبارًا لظاهر القرآن وما يقتضيه لسان العرب. فإن لجّ متعصّب عنيد من أهل السنّة في القول بأنّ هذه بدعة شيعيّة بعد ما جاءه من البيان، فليس ذلك من ذنبنا، ﴿وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[٥].

↑[١] . المائدة/ ٨
↑[٢] . راجع: الدرس ٧٢ من الباب الأوّل.
↑[٣] . الإسراء/ ٧١
↑[٤] . تفسير الطبري، ج١٥، ص٨
↑[٥] . البقرة/ ٢١٣