كاتب السؤال: مرتضى قاسم محمّد تاريخ السؤال: ١٤٤٤/٢/٢٦

هل توفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أم قتل؟ وإذا قتل، من قتله؟ أرجو الإجابة مع كامل تحيّاتي.

الاجابة على السؤال: ٣ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٤٤/٣/١٠

لقد وردت روايات كثيرة في أنّ اليهود سمّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بخيبر، وتفصيل ذلك أنّه لمّا فتح خيبر، وأقرّ أهلها بأرضهم على أن يعملوها ويزرعوها، ويكون لهم شطر ما يخرج منها، أهدت له زينب بنت الحارث اليهوديّة شاة مصلية، وهي بنت أخي مرحب وامرأة سلّام بن مِشكَم، وقد سألت قبل ذلك: أيّ عضو من الشاة أحبّ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؟ فقيل لها: الذراع، فأكثرت فيها من السّمّ، وسمّمت سائر الشاة، ثمّ جاءت بها، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقبل الهدية، ولا يأكل الصدقة، فلمّا وضعتها بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم تناول الذراع، فلاك منها مضغة، فلم يسغها، ومعه بشر بن البراء بن معرور الأنصاريّ، وقد أخذ منها كما أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، فأمّا بشر فأساغها، وأمّا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فلفظها، وفي رواية أخرى أنّه أكلها كما أكل بشر، ثمّ قال: «ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ، فَإِنَّهَا أَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ»، فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إلى اليهوديّة، فاعترفت، فقال: «مَا حَمَلَكِ عَلَى ذَلِكِ؟» فقالت: نلت من قومي ما نلت، فقلت: إن كنت نبيًّا، لم يضرّك الذي صنعت، وإن كنت ملكًا، أرحت النّاس منك! فمات بشر بن البراء من أكلته التي أكل، واحتجم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على كاهله من أجل الذي أكل[١]، وكان يعاوده أحيانًا؛ كما روي عن أنس بن مالك، قال: «مَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»[٢]، فكان إذا وجد من ذلك شيئًا احتجم، وعاش بعد ذلك ثلاث سنين، حتّى كان وجعه الذي قبض فيه، دخلت عليه أمّ بشر بن البراء تعوده، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «يَا أُمَّ بِشْرٍ، مَا زِلْتُ أَجِدُ أَلَمَ الْأَكْلَةِ الَّتِي أَكَلْتُ مَعَ ابْنِكِ بِخَيْبَرَ، تُعَاوِدُنِي كُلَّ عَامٍ، حَتَّى كَانَ هَذَا أَوَانَ انْقِطَاعِ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ»[٣]، ولذلك كان المسلمون يرون أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مات شهيدًا، مع ما أكرمه اللّه به من النبوّة؛ كما روي عن عبد اللّه بن مسعود، قال: «لَأَنْ أَحْلِفَ تِسْعًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قُتِلَ قَتْلًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ وَاحِدَةً أَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ اتَّخَذَهُ نَبِيًّا وَجَعَلَهُ شَهِيدًا»[٤]، وروي عن الشعبيّ، قال: «وَاللَّهِ لَقَدْ سُمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَسُمَّ أَبُو بَكْرٍ، وَقُتِلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ صَبْرًا، وَقُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ صَبْرًا، وَقُتِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَبْرًا، وَسُمَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَقُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ صَبْرًا، فَمَا نَرْجُو بَعْدَهُمْ»[٥]، وفي رواية أخرى، قال: «مَاذَا يُتَوَقَّعُ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ؟!» ثمّ ذكر ذلك[٦].

↑[١] . تجد هذه التفاصيل في: الجامع لمعمر بن راشد، ج١١، ص٢٨؛ مغازي الواقدي، ج٢، ص٦٧٧؛ مصنف عبد الرزاق، ج٦، ص٦٥؛ سيرة ابن هشام، ج٢، ص٣٣٧؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٢، ص٢٠٠؛ مسند أحمد، ج٥، ص٦؛ مسند الدارمي، ج١، ص٢٠٧؛ صحيح البخاري، ج٣، ص١٦٣؛ صحيح مسلم، ج٧، ص١٤؛ سنن أبي داود، ج٤، ص١٧٣؛ تاريخ الطبري، ج٣، ص١٥؛ السيرة النبوية وأخبار الخلفاء لابن حبان، ج١، ص٣٠٥؛ المعجم الكبير للطبراني، ج٢، ص٣٥؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٣، ص٢٤٢؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٨، ص٨٣.
↑[٢] . مسند أحمد، ج٢١، ص١٥؛ صحيح البخاري، ج٣، ص١٦٣؛ صحيح مسلم، ج٧، ص١٤؛ جزء محمد بن عاصم الثقفي، ص١٢٢؛ سنن أبي داود، ج٤، ص١٧٣؛ مسند البزار، ج١٤، ص١٤؛ مستخرج أبي عوانة، ج١٧، ص٣٥٨؛ المعجم الأوسط للطبراني، ج٣، ص٤٣؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٨، ص٨٢
↑[٣] . مغازي الواقدي، ج٢، ص٦٧٩؛ سيرة ابن هشام، ج٢، ص٣٣٨؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٢، ص٢٣٦، ج٨، ص٣١٤؛ أنساب الأشراف للبلاذري، ج١، ص٥٤٩؛ تاريخ الطبري، ج٣، ص١٦؛ التنبيه والإشراف للمسعودي، ج١، ص٢٢٤
↑[٤] . مصنف عبد الرزاق، ج٥، ص٢٦٩؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٢، ص٢٠١؛ مسند أحمد، ج٦، ص٤١٨؛ المعجم الكبير للطبراني، ج١٠، ص١٠٩؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٣، ص٦٠؛ دلائل النبوة للبيهقي، ج٧، ص١٧٢
↑[٥] . المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٣، ص٦١
↑[٦] . انظر: المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٣، ص٦٧.