أخبرنا جماعة من أصحابنا، قالوا: ذكر عند المنصور كثرة الأحزاب[١]، وتنازعها على الحكم، فقال:

أَيُّهَا النَّاسُ! أَخْرِجُوا مِنْ رُؤُوسِكُمْ طَمَعَ الْمُلْكِ، وَأَبْعِدُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ طَلَبَ الرِّئَاسَةِ، وَلَا تَنَازَعُوا عَلَى السُّلْطَةِ، لِيَحْقِدَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَيَتَّبِعَ بَعْضُكُمْ عَثْرَاتِ بَعْضٍ، وَيَكْذِبَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَيَسُبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَيَخْرِقَ بَعْضُكُمْ جُيُوبَ بَعْضٍ، وَيَلْكُمَ بَعْضُكُمْ فِي أَفْوَاهِ بَعْضٍ، وَيَقْعُدَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ، لِتَسْفِكُوا دِمَاءَكُمْ، وَتَكُونُوا أَئِمَّةً مَكَانَ أَئِمَّةٍ، وَتَأْكُلُوا أَمْوَالًا إِلَى أَمْوَالِكُمْ!

أَيُّهَا النَّاسُ! اطْلُبُوا الْإِمَامَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ[٢]، لَعَلَّكُمْ تَجِدُونَهُ؛ فَإِنَّهُ يُقْحِلُ الْجَهْلَ، وَيُزِيلُ الْفَقْرَ، وَيَسْتَأْصِلُ الظُّلْمَ، وَيُخْرِجُ الْغَمَّ مِنْ بُيُوتِكُمْ، وَلَنْ تَجِدُوهُ حَتَّى تُشَمِّرُوا وَتَجْتَمِعُوا لِنُصْرَتِهِ[٣].

أَيُّهَا النَّاسُ! إِنْ لَا تَنْصُرُوهُ، يُذْهِبْكُمُ اللَّهُ، وَيَأْتِ بِقَوْمٍ آخَرِينَ، ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ.

أَيُّهَا النَّاسُ! اسْمَعُوا قَوْلِي، وَأَسْمِعُوهُ؛ لِأَنَّهُ لَنْ يُسْمَعُ قَوْلٌ أَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ. فَأَنْصِتُوا لَهُ، وَأَبْلِغُوهُ أَقَارِبَكُمْ وَأَصْدِقَاءَكُمْ...

إِلَى مَتَى تَتَّبِعُونَ الدَّجَّالِينَ، وَتُطِيعُونَ الَّذِينَ لَمْ يَأْمُرْكُمُ اللَّهُ بِطَاعَتِهِمْ؟! لَا تَتَّبِعُوا مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ؛ فَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ، وَلَا تَتَّبِعُوا مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ إِمَامٌ بَعْدَ الْمَهْدِيِّ؛ فَإِنَّهُ لَا إِمَامَ بَعْدَ الْمَهْدِيِّ، وَلَا تَتَّبِعُوا مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ إِمَامٌ قَبْلَ ظُهُورِ الْمَهْدِيِّ؛ فَإِنَّهُ لَا إِمَامَ قَبْلَ ظُهُورِ الْمَهْدِيِّ، إِنَّمَا يَكُونُ عَالِمٌ يُمَهِّدُ لِظُهُورِهِ، وَلَا تَتَّبِعُوا مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ، وَلَا يَأْتِيكُمْ بِآيَةٍ بَيِّنَةٍ، وَشَيْءٍ مِنْ مَوَارِيثِ الْأَنْبِيَاءِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَهْدِيٍّ، بَلْ هُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ.

أَلَا إِنِّي قَدْ بَيَّنْتُ لَكُمْ لِكَيْ لَا تَضِلُّوا. فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَلَغَهُ قَوْلِي، فَكَذَّبَهُ أَوْ خَالَفَهُ، وَبَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ، وَحَلَّ دَمُهُ لِلْمَهْدِيِّ، إِنْ شَاءَ أَرَاقَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ. فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ.

↑[١] . يعني النِّحَل والفِرَق المختلفة التي قد ظهرت بين المسلمين.
↑[٢] . يعني المهديّ الذي وعده رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في الأخبار المتواترة.