أخبرنا بعض أصحابنا، قال: جرى عند المنصور يومًا ذكر داعش وطالبان وحزب التحرير وأتباع ولاية الفقيه وسائر الدّول والجماعات الإسلاميّة، فقال قولًا هذا معناه:

كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَرْفَعُ شِعَارَ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ يَسْعَى لِإِقَامَةِ الْإِسْلَامِ، ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ[١]. أَلَا إِنَّ دَعْوَتِي إِلَى الْمَهْدِيِّ امْتِحَانٌ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُجِيبُوهَا، كَشَفُوا عَنْ نِفَاقِهِمْ، وَآذَنُوا بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُسْلِمِينَ، وَلَا يَسْعَوْنَ لِإِقَامَةِ الْإِسْلَامِ فِي الْحَقِيقَةِ، بَلْ يَنْوُونَ السُّلْطَةَ وَيَبْتَغُونَ الْمُلْكَ فَقَطُّ؛ كَالْجَبَابِرَةِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، أَنْفَقُوا أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْفُسَهُمْ لِيَتَمَتَّعُوا فِي الْأَرْضِ، حَتَّى انْقَضَّ عَلَيْهِمُ الْمَوْتُ، كَنَسْرٍ يَنْقَضُّ عَلَى جَدْيٍ، فَخَطَفَهُمْ مِنْ فَوْقِهَا، وَأَلْقَاهُمْ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ، وَإِنْ أَجَابُوا دَعْوَتِي وَاتَّحَدُوا مَعِي لِتَحْكِيمِ الْمَهْدِيِّ، فَسَوْفَ يَتَمَهَّدُ طَرِيقُ حُكُومَتِهِ، وَيَتَحَقَّقُ غَرَضُهُمْ بِأَحْسَنِ الْوُجُوهِ؛ بِالطَّبْعِ إِذَا كَانَ غَرَضُهُمْ إِقَامَةَ الْإِسْلَامِ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ غَرَضُهُمْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَسَوْفَ تَتْبَعُهُمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَلَعْنَةُ عِبَادِهِ، فَتُدْرِكُهُمْ عَاجِلًا أَمْ آجِلًا، وَتُبَعْثِرُهُمْ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ، ثُمَّ لَنْ يَكُونَ لَهُمْ جَامِعٌ!

أَلَمْ يَعْلَمِ الَّذِينَ يَتَسَمُّونَ بِالْمُجَاهِدِينَ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مُهَاجِرُونَ وَأَنْصَارٌ، أَنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ هُوَ الْجِهَادُ مَعَ الْمَهْدِيِّ، وَأَفْضَلَ الْهِجْرَةِ هِيَ الْهِجْرَةُ إِلَى الْمَهْدِيِّ، وَأَفْضَلَ النُّصْرَةِ هِيَ النُّصْرَةُ لِلْمَهْدِيِّ؟! فَمَا لَهُمْ لَا يَمِيلُونَ إِلَى رَجُلٍ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى نَفْسِهِ- يَدْعُوهُمْ إِلَى الْمَهْدِيِّ وَيُمَكِّنُهُمْ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ، بِغَيْرِ تَكَلُّفٍ أَوْ سُؤَالِ أَجْرٍ، وَهُوَ يَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَيَدْعُوهُمْ إِلَى التَّعَقُّلِ، وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْجَهْلِ وَالتَّقْلِيدِ وَاتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ، وَذِمَّتُهُ بِمَا يَقُولُ رَهِينَةٌ، وَهُوَ بِهِ زَعِيمٌ؟! مَاذَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ إِجَابَتِهِ، وَمَنْ ذَا يُلَهِّيهِمْ عَنِ الْمُسَارَعَةِ إِلَيْهِ؟! أَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ، وَيَجْتَمِعُوا عِنْدَهُ مِنْ قَرِيبِ الْبِلَادِ وَبَعِيدِهَا، لِيَخْرُجُوا مَعَهُ إِلَى الْمَهْدِيِّ؟! أَلَا إِنَّهُ يُوصِلُهُمْ بِهِدَايَتِهِ إِلَى الْمَهْدِيِّ، وَالْمَهْدِيَّ يُوصِلُهُمْ بِحُكُومَتِهِ إِلَى خَيْرِ الْآمَالِ؛ لِأَنَّهُ يُقِيمُ بَيْنَهُمْ أَحْكَامَ اللَّهِ، وَيُدْخِلُ الْعَدْلَ الْكَامِلَ فِي حُجْرَةِ بُيُوتِهِمْ وَحَظِيرَةِ أَنْعَامِهِمْ، بَلْ يُوصِلُهُمْ إِلَى الْأَرْضِ الْمَوْعُودَةِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا اللَّبَنُ وَالْعَسَلُ، وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ الْمَسْحُوقُ، وَحَصَاهَا الْمَاسُ وَاللُّؤْلُؤُ.

وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَتْرُكُونَ الْمَهْدِيَّ لِيَنْضَمُّوا إِلَى الضَّالِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ يُؤْثِرُونَ الظُّلُمَاتِ عَلَى النُّورِ، وَالْعَمَى عَلَى الْبَصِيرَةِ، وَالْجَهْلَ عَلَى الْعِلْمِ، كَالَّذِينَ شَرَوْا يُوسُفَ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ. أَلَا يُوجَدُ رَجُلٌ عَالِمٌ تَحْتَ السَّمَاءِ، وَلَا امْرَأَةٌ فَطِنَةٌ فَوْقَ الْأَرْضِ، يَسْمَعُ نِدَاءَ الْمَنْصُورِ وَيَخْرُجُ لِنُصْرَةِ الْمَهْدِيِّ؟! تَبًّا لِلدُّنْيَا الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا لِكُلِّ دُبٍّ أَنْصَارٌ، وَلِكُلِّ شِرِّيرٍ أَعْوَانٌ، وَلَا يُوجَدُ فِيهَا أَنْصَارٌ لِلْمَهْدِيِّ، وَلَا أَعْوَانٌ لِلدَّاعِي إِلَيْهِ! أَلَيْسَ الَّذِينَ يَنْصُرُونَ الدَّاعِيَ إِلَى نَفْسِهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَيَخْذُلُونَ الدَّاعِيَ إِلَى الْمَهْدِيِّ، مُؤْمِنِينَ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ؟! يَوْمَ تَقِيءُ الْأَرْضُ أَجْسَادَهُمْ، لِيَقُومُوا فِي مَحْكَمَةِ اللَّهِ الْعَادِلَةِ عَلَى إِحْدَى قَدَمَيْهِمْ، وَيُجِيبُوا سُؤَالَهُ عَنْ هَذِهِ الْخِيَانَةِ الْهَائِلَةِ؛ لِأَنَّهُمْ تَجَاهَلُوا دَاعِيَ اللَّهِ، وَأَجَابُوا دُعَاةَ إِبْلِيسَ، وَبِفِعْلِهِمْ هَذَا نَقَضُوا نَامُوسَ الْعَالَمِ، وَأَفْسَدُوا نِظَامَ الطَّبِيعَةِ. فَصَارَتْ عُقُوبَتَهُمْ فِي الدُّنْيَا اسْتِيلَاءُ الْجَبَّارِينَ عَلَيْهِمْ، لِيَذْبَحُوا رِجَالَهُمْ وَيَقْتَرِعُوا عَلَى نِسَائِهِمْ، وَفِي الْآخِرَةِ نَارٌ حَامِيَةٌ، تُذِيبُ الْحِجَارَةَ وَتَأْخُذُ الْعُصَارَةَ.

↑[١] . العنكبوت/ ٣