لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا؛ فَلَا ظُلْمَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ. هُوَ الَّذِي يَخْلُقُ وَيَرْزُقُ، وَيُدِيرُ دَوْرَةَ الْحَيَاةِ. هُوَ الشَّارِعُ وَالْحَاكِمُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ غَيْرُهُ. لَا تَسْأَلْ حَاجَتَكَ إِلَّا إِيَّاهُ، وَلَا تَحْلِفْ إِلَّا بِاسْمِهِ. لَا تَسْتَغِثْ بِغَائِبٍ، وَلَا تَعْقِدْ عَلَى قَبْرٍ. لَا تَتَوَسَّلْ بِشَجَرٍ، وَلَا تَسْتَعِذْ بِحَجَرٍ.

لَا تُطِعْ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ، أَعْنِي مَنْ سَمَّاهُ اللَّهُ. إِنَّ اللَّهَ يَكْفِيكَ، وَلَسْتَ بِحَاجَةٍ إِلَى غَيْرِهِ. احْذَرْهُ، وَاحْتَطْ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إِهْلَاكِكَ. اسْلُكْ بَيْنَ يَدَيْهِ سُلُوكًا حَسَنًا، لِكَيْ لَا يَغْضِبَ عَلَيْكَ، فَيَضْرِبَكَ، فَتُلْقَى فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ. ابْتَغِ رِضْوَانَهُ، لِيَلْطُفَ بِكَ، وَيُوصِلَكَ إِلَى مَا تُرِيدُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا اتَّخَذَ أَحَدًا وَلِيًّا آتَاهُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ، وَإِذَا اتَّخَذَهُ عَدُوًّا فَلَا تَدْرِي مَا يَفْعَلُ بِهِ!

اتَّقِ اللَّهَ لِتَزْكُوَ؛ فَإِنَّ التَّقْوَى مِنْهُ كَمَاءٍ سَاخِنٍ، يُزِيلُ الْوَسَخَ، وَيُذْهِبُ الْبُقْعَةَ. اعْتَقِدْهُ حَاضِرًا فِي الْخَلْوَةِ وَنَاظِرًا فِي الظُّلْمَةِ، لِكَيْ لَا تُغِرَّكَ الظُّلْمَةُ، وَلَا تُجَرِّئَكَ الْخَلْوَةُ. إِنَّهُ الْقَاضِي، وَالشَّاهِدُ، وَالْمُدَّعِي، وَآخِذُ الْمُجْرِمِ، وَمُعَاقِبُهُ. فَهَلِ الْمُجْرِمُ لَا يُبَالِي بِالشَّاهِدِ، وَلَا يَخَافُ مِنَ الْقَاضِي؟! إِنَّهُ يَعْلَمُ مَكْرَكَ حِينَ تَمْكُرُ، وَيَسْمَعُ نَجْوَاكَ حِينَ تُنَاجِي؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ. أَفَلَا تَهْتَمُّ بِعِرْضِكَ، وَلَا تَسْتَحْيِي مِنَ الْحَاضِرِ وَالنَّاظِرِ؟!

مَاذَا تَفْعَلُ عِنْدَمَا يَأْتِي الْمَوْتُ، وَتَقُومُ السَّاعَةُ، وَيُوضَعُ الْمِيزَانُ، وَتُسْعَرُ الْجَحِيمُ؟! فَهَلْ يُنْجِيكَ الْمَالُ أَمِ الْإِيمَانُ، وَيَنْفَعُكَ الْمَنْصِبُ أَمِ التَّقْوَى؟! كُنْ مُؤْمِنًا لِتَعِيشَ، وَلَازِمِ التَّقْوَى لِتَسْعَدَ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ لَا إِيمَانَ لَهُمْ سَيَهْلِكُونَ، وَالَّذِينَ لَا تَقْوَى لَهُمْ سَيَشْقَوْنَ؛ كَالَّذِينَ قَدِ ارْتَدُّوا عَنْ دِينِهِمْ، فَيَقُولُونَ: «لَا إِلَهَ»، وَيَقُولُونَ: «مَا الْجَنَّةُ وَالنَّارُ؟!»، وَيَسْخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ نَسُوا أَيَّامَ اللَّهِ، وَتَجَاهَلُوا آيَاتِهِ، وَفَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ، وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ تَرَكُوا عُقُولَهُمْ وَيَعِيشُونَ عِيشَةَ الْبَهَائِمِ؛ أَوْ كَالَّذِينَ قَدْ وَهَنُوا فِي دِينِهِمْ، فَلَا يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ، وَلَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ، وَلَا يَصُومُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَيَأْكُلُونَ الرِّبَا، وَيَتَّبِعُونَ الشَّهْوَةَ، وَيَخُوضُونَ الْبَاطِلَ، لِيُنَجِّسُوا الْأَرْضَ بِالْفُجُورِ وَيَمْلَؤُوهَا بِالْفِسْقِ، لِتَزُولَ عَنْهَا الْبَرَكَةُ، وَيَنْزِلَ عَلَيْهَا الْبَلَاءُ، وَلَا يَكُونَ مُنْقِذٌ. فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ، بَلْ أَمْسِكْ إِيمَانَكَ وَإِنْ هَبَّ الْكُفْرُ كَإِعْصَارٍ، وَلَا يَهِنَ تَقْوَاكَ وَإِنْ هَزَّ الْإِثْمُ كَزِلْزَالٍ؛ لِأَنَّ الصَّابِرِينَ هُمْ أَوْتَادُ الْأَرْضِ، أَوْ كَنُجُومِ السَّمَاءِ. بِيُمْنِهِمْ تُنَزَّلُ النِّعْمَةُ، وَيُؤَخَّرُ الْعَذَابُ.