كاتب السؤال: زهرا الحكيمي تاريخ السؤال: ١٤٣٨/٤/٧

ما هي الأشياء التي يتعلّق بها الخمس؟

الاجابة على السؤال: ٤ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٨/٤/١٣

لقد فرض اللّه الخمس في كلّ ما يغنمه الإنسان، إذ قال تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ[١]، ولا شكّ أنّ ﴿مَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ في قوله تعالى عامّ، وإن نزل في شأن غنائم الحرب، وشأن النزول ليس مخصّصًا، والقرآن لا يُخصَّص بالروايات، ولذلك يجب الخمس في كلّ ما يغنمه الإنسان، وهو كلّ مال مرغوب فيه يناله بلا عوض أو توقّع أو استحقاق، وقد أحصاه السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى في رسالة له، فقال:

اعْلَمْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَنَّ كُلَّ مَا يَرْزُقُكَ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَحْتَسِبُ فَفِيهِ الْخُمْسُ، كَالْغَنِيمَةِ، وَالْكَنْزِ، وَالْمَعْدِنِ، وَالْحِلْيَةِ الَّتِي تَسْتَخْرِجُهَا مِنَ الْبَحْرِ، وَالْهِبَةِ، وَالْجَائِزَةِ، وَالْفَائِدَةِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي تَفْضُلُ عَنْ مَؤُونَتِكَ، وَالْمِيرَاثِ الَّذِي لَا تَحْتَسِبُهُ مِنَ الْبَعِيدِ، وَالْمَالِ الَّذِي تَكْنِزُهُ فَلَا تَأْكُلُ مِنْهُ وَلَا تُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، فَعَلَيْكَ فِي ذَلِكَ الْخُمْسُ تُخْرِجُهُ إِلَى خَلِيفَةِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ، إِنْ كُنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ، وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.[٢]

نعم، الظاهر عدم وجوب الخمس في الشيء الحقير الذي لا يُرغب فيه عرفًا، وذلك لعدم صدق «الغُنم» على نيله، ولأنّ اللّه أمر بالإنفاق ممّا يُرغب فيه فقال: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ[٣]، بل نهى عن إنفاق ما لا يُرغب فيه فقال: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ[٤]، وكذلك الشيء الذي يتلف بتقسيمه، وهو ما لا يُرغب في جزء منه إذا قُسّم، كوسادة واحدة أو ثوب واحد؛ لأنّه لا يجوز إتلافه، ولا يجب بيعه لإخراج الخمس من قيمته؛ لأنّ أربعة أخماسه لمالكه، وهو مسلّط عليها، ولا وجه لإخراج عِدل ذلك من سائر أمواله. نعم، إذا باعه عن طيب خاطر، وجب عليه إخراج الخمس من قيمته، كما إذا حلّ دين أو تنجّز واجب، وقد أخبرنا به بعض أصحابنا، قال:

سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: لَيْسَ فِي الْخَبِيثِ خُمْسٌ، وَلَا فِي مَا لَا يُخَمَّسُ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ مَا لَا يُخَمَّسُ غَنِيمَةً يَشْتَرِكُ فِيهَا الْمُجَاهِدُونَ؟ قَالَ: يَبِيعُهُ الْإِمَامُ، فَيُخَمِّسُ قِيمَتَهُ، وَلَيْسَ فِي مَا لَا يُخَمَّسُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِ خُمْسٌ حَتَّى يَبِيعَهُ عَنْ طِيبِ نَفْسِهِ.

ثمّ يستحبّ لكلّ مؤمن أن يخصّص خمس أمواله كلّها للّه وخليفته في الأرض، وهذا ما اعتبره السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى «سرًّا من أسرار آل محمّد»؛ كما أخبرنا بعض أصحابه، قال:

قَالَ لِيَ الْمَنْصُورُ: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى سِرٍّ مِنْ أَسْرَارِ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟! قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: اجْعَلْ خُمْسَ مَالِكَ لِلَّهِ وَخَلِيفَتِهِ فِي الْأَرْضِ، فَإِنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مُخْلِصًا لَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ -يَعْنِي عَلِيًّا- عَلَيْهِ السَّلَامُ.

↑[١] . الأنفال/ ٤١
↑[٢] . الرسالة ١٥، الفقرة ٢
↑[٣] . آل عمران/ ٩٢
↑[٤] . البقرة/ ٢٦٧
رقم التعليق: ١ كاتب التعليق: عبد اللّه تاريخ التعليق: ١٤٤٣/٧/١٥

لديّ مال مخلوط، بعضه حال عليه حول، وبعضه لم يحل عليه حول. كيف يمكنني تمييز هذا من هذا؟ وهل عليّ إخراج الخمس والزكاة منه؟ وما هو مقدار كلّ من الخمس والزكاة؟ وأيضًا لديّ قلادة من الذهب اشتريتها منذ أكثر من سنة وقد استُخدمت قليلًا، فهل عليّ إخراج الخمس والزكاة منها؟ أرجو الإجابة. جزاكم اللّه خيرًا.

الاجابة على التعليق: ١ تاريخ الاجابة على التعليق: ١٤٤٣/٧/٢٦

إنّما الخمس في الربح إذا زاد على المؤونة، وليس في رأس المال، وفي رأس المال زكاة إذا كان ذهبًا أو فضّة أو نقدًا -فإنّه في حكمهما- أو إبلًا أو بقرًا أو غنمًا أو حنطة أو شعيرًا أو تمرًا أو زبيبًا، وبلغ النصاب المعلوم. فإن كان رأس المال متاعًا من غير هذه الأنواع، فليس فيه شيء، إلّا أن يُدّخر عامًا ونما، فيكون في نمائه خمس. فإن كان لديك متاع قابل للإنتفاع أو الإنفاق في سبيل اللّه، فلم تنتفع به ولم تنفق منه حتّى حال عليه حول وحصل فيه نماء، فعليك خمس نمائه؛ لأنه مال نلته بلا عوض واستحقاق، وليس عليك خمس المتاع كلّه؛ لأنّه ليس ممّا غنمت، وإنّما غنمت نماءه مع تركه على حاله؛ كمن له دار، فلا يَسكنها ولا يُسكنها حتّى حال عليها حول وارتفعت قيمتها، فعليه خمس ما ارتفع من قيمتها إذا ناله ببيع أو إجارة، والمقصود من تشريع ذلك أن لا يرغب الناس في ادّخار أمتعتهم وتعطيلها، بدلًا من الإستفادة منها بالمعروف والإنفاق منها في سبيل اللّه، طمعًا في نمائها وارتفاع قيمتها؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُحَرِّكُ كُلَّ مَالٍ مَوْضُوعٍ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ، قُلْتُ: كَيْفَ يُحَرِّكُهُ؟ قَالَ: يَفْرُضُ فِيهِ الزَّكَاةَ، قُلْتُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً؟ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً، قُلْتُ: أَلَمْ يَقُلْ: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ[١]؟! قَالَ: بَلَى، وَقَالَ مِثْلَهُ فِي ﴿الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ[٢]، ﴿وَجَمَعَ فَأَوْعَى[٣].

والمراد بالزكاة هنا هو الزكاة بالمعنى الأعمّ، وهي ما يشمل الخمس والزكاة بالمعنى الأخصّ؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

قُلْتُ لِلْمَنْصُورِ: أَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيْهِ: فِي الْمَالِ الَّذِي تَكْنِزُهُ فَلَا تَأْكُلُ مِنْهُ وَلَا تُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خُمْسٌ إِذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، فَقَالَ: صَدَقَ، قُلْتُ: كَيْفَ؟! وَقَدْ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ قَبْلَهُ أَنَّكَ قُلْتَ لَهُ: فِي كُلِّ مَالٍ رَاكِدٍ زَكَاةٌ إِذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، فَقَالَ: صَدَقَ، وَلَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ، إِنَّمَا أَرَدْتُ بِالزَّكَاةِ مَا يَجِبُ إِخْرَاجُهُ مِنَ الْمَالِ، ثُمَّ قَالَ: فِي رَأْسِ الْمَالِ زَكَاةٌ، وَفِي نَمَائِهِ خُمْسٌ.

بناء على هذا، فإن كان لديك نقد يعادل عشرين مثقالًا من الذّهب، أو مائة وأربعين مثقالًا من الفضّة، فعليك زكاته، وهي ربع عشره، بعد أن حال عليه حول، وإذا كان بعضه لم يحل عليه حول وكان البعض الآخر لا يبلغ النصابين، فليس عليك شيء، وكذلك إذا اشتبه عليك فلم تعلم مقدار المال الذي حال عليه حول وهل بلغ النصابين أم لا، لأصالة البرائة، وأمّا الحليّ فليس فيه زكاة إذا كان شيئًا عاديًّا يستعمل في الحلال ولو مرّة واحدة في الحول؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنِ الْحُلِيِّ أَفِيهِ زَكَاةٌ؟ قَالَ: إِذَا كَانَ شَيْئًا مَعْرُوفًا يُسْتَعْمَلُ فِي الْحَلَالِ فَلَا، لِأَنَّهُ يُنْفَقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَكِنْ إِذَا كَانَ شَيْئًا مَكْنُوزًا أَوْ مُسْتَعْمَلًا فِي الْحَرَامِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ.

↑[١] . التّوبة/ ٣٤
↑[٢] . الهمزة/ ٢
↑[٣] . المعارج/ ١٨
رقم التعليق: ٢ كاتب التعليق: محمّد تاريخ التعليق: ١٤٤٥/١/٢٥

عندي تساؤل حول موضوع الخمس، حيث أوضحتم سابقًا أنّ الخمس يكون في المكاسب كما يقول الشيعة، ولكنّ السؤال كيف يكون الخمس في المكاسب، ويكون أيضًا الزكاة في نفس المال؟ إنّ كون الخمس في الغنائم والمعادن المستخرجة من الأرض و البحر عقلانيّ ومقبول، أمّا أن يكون في المكاسب فذلك لم يحصل في زمن النبيّ، بل كان في زمنه الزكاة من أموال الناس والخمس من الغنائم. شكرًا

الاجابة على التعليق: ٢ تاريخ الاجابة على التعليق: ١٤٤٥/١/٣٠

الرجاء قراءة الجواب بعناية أكثر؛ فقد أوضحنا فيه أنّ الخمس ليس في رأس المال بخلاف الزكاة، وإنّما هو في الربح، وليس في كلّ ربح أيضًا، بل هو في ربح زائد على المؤونة؛ لأنّه غنم، فيشمله قول اللّه تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ[١]، وأوضحنا أنّ شأن النزول ليس مخصّصًا، وإنّما العبرة بعموم اللفظ، ولا يجوز الإجتهاد في دفع النصّ؛ فلعلّ الصحابة في زمن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لم يكن لهم ربح زائد على المؤونة؛ فإنّهم كانوا فقراء، وكانوا مشتغلين بالجهاد وتبليغ الدّين، وكانوا يكسبون على قدر الحاجة، ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[٢].

↑[١] . الأنفال/ ٤١
↑[٢] . الحشر/ ٩