كاتب الشبهة: ساسان تاريخ الشبهة: ١٤٣٦/٨/١٣

ما بال أقوال ورسائل المنصور تشابه أقوال ورسائل النبيّ وأهل البيت؟! ولماذا تتمّ روايتها مسندة مع ذكر أسماء رواتها؟! هذا ليس جيّدًا على الإطلاق!

الاجابة على الشبهة: ٢ تاريخ الاجابة على الشبهة: ١٤٣٦/٨/١٣

نعوذ باللّه من كلّ متكبّر عيّاب يستقبح محاسن الأبرار ويلومهم على فضائلهم! ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا[١]! ثمّ نلفت انتباهك إلى النكات التالية:

أوّلًا أقوال ورسائل المنصور تتمّ روايتها في صورة صدرت من لسانه وقلمه؛ إذ ليس لنا بطبيعة الحال أن نبدّلها من أجل رضاك؛ فإنّه تحريف وافتراء. فهل بلغ تكبّرك مبلغًا تتوقّع فيه أن ينطق المنصور ويكتب وفقًا لذوقك؟! الذوق المريض الذي لا يستحسن أقوالًا ورسائل تشابه أقوال ورسائل النبيّ وأهل البيت؟! كلّا، ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ۚ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ[٢].

ثانيًا مشابهة أقوال ورسائل المنصور لأقوال ورسائل النبيّ وأهل البيت، قد نشأت من مشابهة سيرته وروحه لسيرتهم وروحهم، وتكشف عن تكوّن شخصيّته على أساس اتّباعهم الكامل، وتدلّ بوضوح على أنّه رجل منهم يحذو حذوهم في كلامه وعمله؛ كما ليست أقواله ورسائله فقطّ تشابه أقوالهم ورسائلهم، بل حركته العمليّة هي أيضًا استمرار لحركتهم العمليّة من أجل إقامة الإسلام الحقيقيّ في العالم ومحاربة الظلم والبدع. لهذا، يجب أن يُسأل: أيّ شيء في هذا العالم العظيم لا يشابه ما كان في النبيّين والصدّيقين حتّى تُستغرب مشابهة أقواله ورسائله لأقوالهم ورسائلهم؟!

ثالثًا من الواضح أنّ مشابهة فعل لفعل النبيّ وأهل البيت لا تعتبر عيبًا، بل إن كان عيب فهو في عدم مشابهة فعل لفعلهم؛ لأنّ اللّه تعالى حضّ الصالحين على التأسّي بالنبيّ فقال: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا[٣]، وعلى هذا، لا وجه لذمّ المنصور على مشابهة فعله لفعل النبيّ وأهل البيت، بل ينبغي مدحه.

رابعًا لم تزل أقوال ورسائل سادة المسلمين وكبرائهم الذين لهم آراء وأتباع، تتمّ روايتها مسندة مع ذكر أسماء رواتها بالنظر إلى ما لها من القيمة والأهمّيّة، وكانت هذه سنّة حسنة اتّخذها المسلمون منذ القرن الأوّل؛ كما تمّت رواية أقوال ورسائل النبيّ وأهل البيت والصحابة والتابعين وأتباع التابعين والعلماء الكبار بهذه الطريقة، وانتقلت كميراث ثمين من قرن إلى قرن عبر التاريخ الإسلاميّ. الآن أيضًا إذا أراد أحد أن يحكي للناس عن شخص مهمّ قولًا أو فعلًا، يذكر مصدره وعلى سبيل المثال يقول: سمعت فلانًا يحكي عن الرئيس الفلانيّ أو العالم الفلانيّ أنّه قال كذا أو فعل كذا، وفي خلال ذلك يجتهد بقدر المستطاع أن تكون حكايته موافقة للواقع بلا زيادة أو نقصان، كي لا تترتّب عليها مفسدة. هذا الأسلوب هو سيرة المسلمين خلفًا عن سلف ولا تخفى فوائده على عاقل، ولذلك من العجيب التعجّب منه!

لا شكّ أنّ اللّه تعالى إذا أراد بعبد خيرًا يريه الأشياء كما هي، وإذا أراد به سوءًا يطبع على قلبه حتّى ير حسنها قبيحًا وقبيحها حسنًا، ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ[٤].

↑[١] . النّساء/ ٥٤
↑[٢] . المؤمنون/ ٧١
↑[٣] . الأحزاب/ ٢١
↑[٤] . الزّمر/ ٢٣