١ . أَخْبَرَنَا ذَاكِرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: أَهْدَيْتُ إِلَى الْمَنْصُورِ آلَةً مُحْدَثَةً لِرَاحَتِهِ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا وَقَالَ: إِنِّي لَغَنِيٌّ عَنْهَا، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لَأَكْرَهُ كَثِيرًا مِنْ هَذِهِ الْآلَاتِ الَّتِي أَحْدَثْتُمُوهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، قُلْتُ: لِمَ ذَلِكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ فَقَالَ: لِأَنَّهَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ، وَأَنَّهَا تُؤْتِيكُمُ الرَّاحَةَ وَتَسْلُبُكُمْ شَيْئًا كَثِيرًا.

٢ . أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ وَعَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ الْقَيُّومِ جَمِيعًا، قَالَا: كَانَ الْمَنْصُورُ يَكْرَهُ أَنْ يَمُسَّ نَقْدًا بِيَدِهِ كَأَنَّمَا يَسْتَقْذِرُهُ، فَيَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: خُذُوهُ، وَكَانَ لَا يَنْظُرُ إِلَى التِّلْفَازِ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، وَكَانَ لَا يَحْمِلُ مَعَهُ جَوَّالًا، وَكَانَ أَشَدَّ شَيْءٍ كَرَاهَةً عِنْدَهُ الْإِنْتِرْنِتُ، فَقُلْنَا لَهُ: أَحَرَامٌ هِيَ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أَجِدُ مِنْهَا قَسَاوَةً فَأَعَافُهَا.

شرح القول:

من هذا يعلم أنّ استخدام الجوّال والإنترنت والراديو والتلفاز والمعدّات الخاصّة بالإستلام من الأقمار الصناعيّة وغيرها من الآلات الجديدة ليس له حكم شرعيّ في حدّ ذاته، وإنّما يتبع حكمه حكم ما يرى أو يسمع أو يفعل به. مع ذلك، من الأفضل الإقتصار على استخدام هذه الآلات في حالات الضرورة؛ لأنّ إنتاجها وترويجها اليوم يتمّ غالبًا في إطار النظام الرأسماليّ والأهداف الاستعماريّة، وهو من أهمّ مصادر الدّخل لأصحاب السلطة والرأسمال، وطرق نشر ثقافتهم والحفز على التفكير والعمل وفقًا لأهوائهم وسياساتهم الخبيثة. لذلك، يكره السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى استخدام أمثال هذه الآلات لمن ليس في حاجة ماسّة إليه، وقد يجتنبه هو بنفسه قدر الإمكان على سبيل التورّع، دون أن يحرّمه تحريم المتحجّرين.