كاتب الشبهة: بهنام تاريخ الشبهة: ١٤٣٦/٨/١٥

قال السيّد المنصور في كتاب «العودة إلى الإسلام» أنّ الزكاة محرّمة على بني هاشم وإنّما يحلّ لهم الخمس. السؤال أنّه لو أراد اللّه أن يحرّم الزكاة عليهم أما كان يبيّن ذلك في القرآن؟ أما كان عدم أخذهم الزكاة في صدر الإسلام بسبب زهدهم وقناعتهم؟ ما الدليل على أنّ نصف الخمس يصل إلى أيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم فقطّ؟

ثمّ قال السيّد المنصور في هذا الكتاب أيضًا أنّ إقامة الأحكام الجزائيّة مشروطة بوجود الحكومة الإسلاميّة، وهي حكومة خليفة اللّه في الأرض. السؤال أنّه هل إيتاء الخمس والزكاة أيضًا مشروط بذلك أم لا؟

الاجابة على الشبهة: ٢ تاريخ الاجابة على الشبهة: ١٤٣٦/٨/١٦

يرجى التنبّه لما يلي:

١ . لا خلاف بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم في حرمة الزكاة على بني هاشم؛ كما صرّح بذلك ابن قدامة[١]، والنوويّ[٢]، وابن حجر[٣]، والبهوتي[٤]، والشوكاني[٥] من السنّة، والشريف المرتضى[٦]، وجعفر بن الحسن المعروف بالمحقّق الحلّي[٧]، وحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلامة الحلّي[٨]، وزين الدين بن عليّ المعروف بالشهيد الثاني[٩] من الإماميّة، وأحمد المرتضى[١٠] من الزيديّة، ولم يكن ذلك لزهد بني هاشم وقناعتهم، ولكن لما تواتر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِآلِ مُحَمَّدٍ، إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ»، وهو موافق لكتاب اللّه؛ لأنّه وإن أطلق القول في سورة التوبة حيث قال: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ[١١]، وظاهره العموم بالنسبة إلى بني هاشم وغيرهم، لكنّه قال في سورة الشورى: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى[١٢]، وهو يقتضي إكرام بني هاشم بإعطائهم صفو المال دون أوساخه، والخمس صفو المال والزكاة أوساخه، ولذلك لا يجوز إعطاؤهم الزكاة، وإنّما يجوز إعطاؤهم الخمس إكرامًا لهم، وقال في سورة الأحزاب: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا[١٣]، وأكل الأوساخ رجس، ولذلك حرّم على أهل البيت، وقد بيّنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كما بيّن مقادير الزكاة، وفقًا لقول اللّه تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[١٤].

٢ . المراد باليتامى والمساكين وابن السبيل في قول اللّه تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ[١٥]، هم اليتامى والمساكين وابن السبيل من بني هاشم، والدّليل على ذلك ثلاثة:

الأوّل أنّ اللّه قد عطفهم على ذي القربى، وهم أقرباء النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، فيجوز أن يكون ذلك من باب ذكر الخاصّ بعد العامّ، كما في قوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ[١٦]، ولا شكّ أنّ جبريل وميكال من ملائكته.

الثاني أنّ اللّه قد حرّم الزكاة على اليتامى والمساكين وابن السبيل من بني هاشم، والعدل يقتضي أن يجعل لهم ما يغنيهم عنها لكي لا يضيعوا، وليس بعدها ما يجب إيتاؤه إلّا الخمس، فهو يكون لهم لا محالة.

الثالث أنّه قول ثابت عن أهل البيت، وقولهم حقّ بمقتضى آية التطهير وحديث الثقلين، وهو مبيّن لكتاب اللّه؛ كما روي عن عليّ عليه السلام أنّه قال: «نَحْنُ وَاللَّهِ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ بِذِي الْقُرْبَى الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ[١٧] مِنَّا خَاصَّةً، وَلَمْ يَجْعَلْ لَنَا سَهْمًا فِي الصَّدَقَةِ، أَكْرَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَأَكْرَمَنَا أَنْ يُطْعِمَنَا أَوْسَاخَ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ»[١٨]، وروي عن عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّه قال: «لِيَتَامَانَا وَمَسَاكِينِنَا وَأَبْنَاءِ سَبِيلِنَا»[١٩]، وروي عن أبي جعفر أو أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّه قال: «خُمْسُ اللَّهِ لِلْإِمَامِ، وَخُمْسُ الرَّسُولِ لِلْإِمَامِ، وَخُمْسُ ذَوِي الْقُرْبَى لِقَرَابَةِ الرَّسُولِ الْإِمَامِ، وَالْيَتَامَى يَتَامَى آلِ الرَّسُولِ، وَالْمَسَاكِينُ مِنْهُمْ، وَأَبْنَاءُ السَّبِيلِ مِنْهُمْ، فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ»[٢٠]، وروي عن موسى بن جعفر عليهما السلام أنّه قال: «يُقْسَمُ بَيْنَهُمُ الْخُمُسُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لِلَّهِ وَسَهْمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ وَسَهْمٌ لِذِي الْقُرْبَى وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَهْمٌ لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ، فَسَهْمُ اللَّهِ وَسَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ لِأُولِي الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وِرَاثَةً، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ: سَهْمَانِ وِرَاثَةً، وَسَهْمٌ مَقْسُومٌ لَهُ مِنَ اللَّهِ، وَلَهُ نِصْفُ الْخُمُسِ كَمَلًا، وَنِصْفُ الْخُمُسِ الْبَاقِي بَيْنَ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَسَهْمٌ لِيَتَامَاهُمْ وَسَهْمٌ لِمَسَاكِينِهِمْ وَسَهْمٌ لِأَبْنَاءِ سَبِيلِهِمْ، يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَسْتَغْنُونَ بِهِ فِي سَنَتِهِمْ ... وَإِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ هَذَا الْخُمُسَ خَاصَّةً لَهُمْ دُونَ مَسَاكِينِ النَّاسِ وَأَبْنَاءِ سَبِيلِهِمْ عِوَضًا لَهُمْ مِنْ صَدَقَاتِ النَّاسِ تَنْزِيهًا مِنَ اللَّهِ لَهُمْ لِقَرَابَتِهِمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَكَرَامَةً مِنَ اللَّهِ لَهُمْ عَنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ، فَجَعَلَ لَهُمْ خَاصَّةً مِنْ عِنْدِهِ مَا يُغْنِيهِمْ بِهِ عَنْ أَنْ يُصَيِّرَهُمْ فِي مَوْضِعِ الذُّلِّ وَالْمَسْكَنَةِ، وَلَا بَأْسَ بِصَدَقَاتِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُمُ الْخُمُسَ هُمْ قَرَابَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فَقَالَ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ[٢١] وَهُمْ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْفُسُهُمُ الذَّكَرُ مِنْهُمْ وَالْأُنْثَى، لَيْسَ فِيهِمْ مِنْ أَهْلِ بُيُوتَاتِ قُرَيْشٍ وَلَا مِنَ الْعَرَبِ أَحَدٌ، وَلَا فِيهِمْ وَلَا مِنْهُمْ فِي هَذَا الْخُمُسِ مِنْ مَوَالِيهِمْ، وَقَدْ تَحِلُّ صَدَقَاتُ النَّاسِ لِمَوَالِيهِمْ وَهُمْ وَالنَّاسُ سَوَاءٌ»[٢٢].

٣ . إيتاء الخمس والزكاة غير مشروط بحكومة خليفة اللّه في الأرض؛ لأنّه ليس من عقوبات الإسلام، لكن من فرائضه، مثل الصلاة والصوم والحجّ. نعم، إيتاء سهم خليفة اللّه من بني هاشم، وهو نصف الخمس، ليس عمليًّا في غيبته، ولذلك قد عُفي عنه لشيعته الممهّدين لظهوره كأنصار المنصور؛ لأنّهم معذورون، وليسوا من المسبّبين لغيبته، ولم يُعف عنه لسائر الناس؛ كما روي عن عليّ عليه السلام أنّه قال: «هَلَكَ النَّاسُ فِي بُطُونِهِمْ وَفُرُوجِهِمْ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤَدُّوا إِلَيْنَا حَقَّنَا، أَلَا وَإِنَّ شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ وَآبَاءَهُمْ فِي حِلٍّ»[٢٣]، وروي عن أبي جعفر أو أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّه قال: «إِنَّ أَشَدَّ مَا فِيهِ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَقُومَ صَاحِبُ الْخُمُسِ فَيَقُولَ: يَا رَبِّ خُمُسِي! وَقَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لِشِيعَتِنَا لِتَطِيبَ وِلَادَتُهُمْ وَلِيَزْكُوَ أَوْلَادُهُمْ»[٢٤]، وروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال: «النَّاسُ كُلُّهُمْ يَعِيشُونَ فِي فَضْلِ مَظْلِمَتِنَا، إِلَّا أَنَّا أَحْلَلْنَا شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ»[٢٥]. مع هذا، لا يترك أنصار المنصور إيتاء سهم المهديّ من الخمس في غيبته، بل يؤتونه المنصور لينفقه في التمهيد لظهوره؛ لأنّهم لو كانوا آتوه المهديّ أيضًا لأنفقه في التمهيد لظهوره بلا شكّ، ولذلك فإنّ إيتاءه المنصور في هذا الزمان هو مثل إيتائه المهديّ، ﴿وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ[٢٦].

↑[١] . المغني لابن قدامة، ج٢، ص٥١٩
↑[٢] . المجموع شرح المهذب للنووي، ج٦، ص٢٢٧
↑[٣] . فتح الباري لابن حجر، ج٣، ص٢٨٠
↑[٤] . كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي، ج٢، ص٣٣٥
↑[٥] . نيل الأوطار للشوكاني، ج٤، ص٢٤١
↑[٦] . الإنتصار للشريف المرتضى، ص٢٢٢
↑[٧] . المعتبر للمحقق الحلي، ج٢، ص٥٨٣
↑[٨] . تحرير الأحكام لابن المطهّر الحلّي، ج١، ص٤١١؛ منتهى المطلب لابن المطهّر الحلّي، ج٨، ص٣٧١؛ نهاية الإحكام في معرفة الأحكام لابن المطهّر الحلّي، ج٢، ص٣٩٧
↑[٩] . مسالك الأفهام للشهيد الثاني، ج٥، ص٤١٠
↑[١٠] . شرح الأزهار لأحمد المرتضى، ج١، ص٥٢١
↑[١١] . التّوبة/ ٦٠
↑[١٢] . الشّورى/ ٢٣
↑[١٣] . الأحزاب/ ٣٣
↑[١٤] . النّحل/ ٤٤
↑[١٥] . الأنفال/ ٤١
↑[١٦] . البقرة/ ٩٨
↑[١٧] . الحشر/ ٧
↑[١٨] . الكافي للكليني، ج١، ص٥٣٩؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص١٢٦
↑[١٩] . تفسير العيّاشي، ج٢، ص٦٣
↑[٢٠] . تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص١٢٥
↑[٢١] . الشّعراء/ ٢١٤
↑[٢٢] . الكافي للكليني، ج١، ص٥٤٠؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص١٢٨
↑[٢٣] . علل الشرائع لابن بابويه، ج٢، ص٣٧٧؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص١٣٧
↑[٢٤] . الكافي للكليني، ج١، ص٥٤٧؛ من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج٢، ص٤٣؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص١٣٦
↑[٢٥] . من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج٢، ص٤٥؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص١٣٨
↑[٢٦] . محمّد/ ٣٨