كاتب السؤال: قاسم الطائي تاريخ السؤال: ١٤٤١/٧/٩

كم مرّة يجب غسل الوجه واليدين في الوضوء؟ وما هو الأفضل؟

الاجابة على السؤال: ٥ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٤١/٧/١٧

لا خلاف في أنه يجب غسل الوجه واليدين مستوعبًا للكلّ، فإذا لم يكف المرّة الأولى وجب المرّة الثانية، وإذا لم يكف المرّتان وجب المرّة الثالثة، وهكذا حتّى تكفي، ولا يعتبر عدد معيّن؛ لأنّ المأمور به الغَسل، فلا بدّ من تحصيله، وأمّا إذا حصل بالمرّة الأولى فهل يستحبّ المرّة الثانية؟ أكثر العلماء على استحبابها؛ لرواية أبي هريرة وعبد اللّه بن زيد: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ»[١] وقال مالك: لا تستحبّ؛ لرواية ابن عبّاس وعمر وجابر وبريدة وأبي رافع وابن الفاكه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً»[٢] وهو قول ابن بابويه من الإماميّة، وقد نُسب إليه المنع؛ لما روى عن جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام أنّه قال: «وَاللَّهِ مَا كَانَ وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَرَّةً مَرَّةً وَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً مَرَّةً فَقَالَ: هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ»[٣] وروى عنه أنّه قال: «فَرَضَ اللَّهُ الْوُضُوءَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ؟!»[٤] ثمّ قال: «هَذَا عَلَى جِهَةِ الْإِنْكَارِ، لَا عَلَى جِهَةِ الْإِخْبَارِ، كَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: حَدَّ اللَّهُ حَدًّا فَتَجَاوَزَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَتَعَدَّاهُ؟! وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ[٥]»[٦] ويمكن تقويته بأنّ الإمتثال يحصل بالمرّة الأولى، فتكون المرّة الثانية لغوًا غير مأجورة إن لم تكن ممنوعة، وهذا هو إحدى الروايتين عن أهل البيت؛ كما روى زرارة وأبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام وروى ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السلام أنّهما قالا في الوضوء: «اعْلَمْ أَنَّ الْفَضْلَ فِي وَاحِدَةٍ»[٧] وروى محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «الْوُضُوءُ وَاحِدَةٌ فَرْضٌ وَاثْنَتَانِ لَا يُؤْجَرُ»[٨] وروى عبد الكريم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الوضوء فقال: «مَا كَانَ وُضُوءُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا مَرَّةً مَرَّةً»[٩] وعلّق عليه الكلينيّ فقال: «هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ إِنَّمَا هُوَ مَرَّةٌ مَرَّةٌ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ كِلَاهُمَا لِلَّهِ طَاعَةٌ أَخَذَ بِأَحْوَطِهِمَا وَأَشَدِّهِمَا عَلَى بَدَنِهِ»[١٠] ويؤيّد ذلك ما روى ميسرة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «الْوُضُوءُ وَاحِدَةٌ وَاحِدَةٌ»[١١] وما روى يونس بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الوضوء للصلاة فقال: «مَرَّةٌ مَرَّةٌ»[١٢].

بناء على هذا، ينبغي للمرء أن يكتفي بمرّة واحدة ولا يزيد عليها إلا إذا شكّ في الإستيعاب؛ فإن شكّ في الإستيعاب وجب عليه إعادة الغَسل حتّى يستيقن. نعم، روي الحثّ على إسباغ الوضوء، ولكنّه لا ينافي الإكتفاء بمرّة واحدة؛ لأنّ المراد بالإسباغ أمران: أحدهما أن يأخذ الماء بملء كفّه ويجتهد في الإستيعاب بلا تهاون؛ كما يفهم ذلك من قول الشعبي: «تُجْزِئُ مَرَّةٌ إِذَا أَسْبَغَ الْوُضُوءَ»[١٣] وقول الزهري: «لَوْ تَوَضَّأَ رَجُلٌ مَرَّةً وَاحِدَةً فَأَبْلَغَ فِي تِلْكَ الْمَرَّةِ أَجْزَأَ عَنْهُ»[١٤] وقول أحمد بن حنبل إذ سئل عن الوضوء مرّة مرّة فقال: «لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا أَسْبَغَ»[١٥] والآخر أن يأخذ الماء ويفرغه مرّتين أو ثلاثًا ثمّ يغسل فيستوعب مرّة واحدة، ولعلّ هذا هو مراد الروايات الواردة في الحثّ على التثنية والتثليث؛ كرواية زرارة وبكير أنهما سألا أبا جعفر عليه السلام عن وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، فقالا: الغرفة الواحدة تجزئ للوجه وغرفة للذراع؟ قال: «نَعَمْ، إِذَا بَالَغْتَ فِيهَا وَالثِّنْتَانِ تَأْتِيَانِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ»[١٦] حيث أنّها تدلّ على استحباب الغرفتين لا الغسلتين كما قاله المجلسيّ[١٧] وروي عن القاسم بن محمّد أنّه سئل عن ثلاث غرفات في الوضوء، فقال: «مَنْ كَانَ يُحْسِنُ أَنْ يَتَوَضَّأَ كَفَتْهُ غُرْفَةٌ وَاحِدَةٌ»[١٨].

↑[١] . مسند أحمد، ج٢، ص٣٦٤، ج٤، ص٤١؛ مسند الدارمي، ج١، ١٧٧؛ صحيح البخاري، ج١، ص٤٨؛ سنن أبي داود، ج١، ص٣٧؛ سنن الترمذي، ج١، ص٣١
↑[٢] . مسند أحمد، ج١، ص٢٣ و٢٣٣؛ مسند الدارمي، ج١، ١٧٧؛ صحيح البخاري، ج١، ص٤٧؛ سنن ابن ماجه، ج١، ص١٤٣؛ سنن أبي داود، ج١، ص٣٨؛ سنن الترمذي، ج١، ص٣٠، ٣١ و٣٣؛ سنن النسائي، ج١، ص٦٢
↑[٣] . من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج١، ص٣٨؛ الإستبصار للطوسي، ج١، ص٧٠
↑[٤] . من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج١، ص٣٨
↑[٥] . الطّلاق/ ١
↑[٦] . من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج١، ص٣٨
↑[٧] . مستطرفات السرائر لابن إدريس، ص٤٦
↑[٨] . تهذيب الأحكام للطوسي، ج١، ص٨١
↑[٩] . الكافي للكليني، ج٣، ص٢٧؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج١، ص٨٠؛ مستطرفات السرائر لابن إدريس، ص٤٦
↑[١٠] . الكافي للكليني، ج٣، ص٢٧
↑[١١] . الكافي للكليني، ج٣، ص٢٧؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج١، ص٨٠
↑[١٢] . الكافي للكليني، ج٣، ص٢٦؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج١، ص٨٠
↑[١٣] . مصنف عبد الرزاق، ج١، ص٤٣
↑[١٤] . مصنف عبد الرزاق، ج١، ص٤٣؛ شعب الإيمان للبيهقي، ج٣، ص٧
↑[١٥] . تاريخ دمشق لابن عساكر، ج٥٣، ص٧٩
↑[١٦] . الكافي للكليني، ج٣، ص٢٦؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج١، ص٨١
↑[١٧] . بحار الأنوار للمجلسي، ج٧٧، ص٢٧٧
↑[١٨] . مصنف عبد الرزاق، ج١، ص٤٢