كاتب السؤال: أبو هادي المالكي تاريخ السؤال: ١٤٤١/٥/٧

هل هناك فضل في دفن الأموات بأماكن خاصة دون الأخريات؟

الاجابة على السؤال: ٢ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٤١/٥/١٢

يستحبّ دفن الأموات في الأماكن المباركة؛ لقول اللّه تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ[١] وقد روي عن أبي رافع قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَرْتَادُ لِأَصْحَابِهِ مَقْبَرَةً يُدْفَنُونَ فِيهَا، فَكَانَ قَدْ جَاءَ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ وَأَطْرَافِهَا، ثُمَّ قَالَ: أُمِرْتُ بِهَذَا الْمَوْضِعِ، يَعْنِي الْبَقِيعَ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: بَقِيعُ الْخَبْخَبَةِ وَكَانَ أَكْثَرُ نَبَاتِهِ الْغَرْقَدَ وَبِهِ نِجَالٌ كَثِيرَةٌ وَالنَّجْلُ النَّزُّ وَأَثْلٌ وَطَرْفَاءُ وَبِهِ بَعُوضٌ كَالدُّخَانِ إِذَا أَمْسَوْا، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قُبِرَ هُنَاكَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَجَرًا عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَالَ: هَذَا فَرَطُنَا، فَكَانَ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ بَعْدَهُ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ نَدْفِنُهُ؟ فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ: عِنْدَ فَرَطِنَا عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ»[٢] وروي عن المطّلب بن أبي وادعة قال: «لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أُخْرِجَ بِجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ، أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ، فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، قَالَ الْمُطَّلِبُ: قَالَ الَّذِي يُخْبِرُنِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا، ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَالَ: أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي»[٣] وهذا ما جرت عليه عادة المسلمين منذ الزمن الأول؛ كما دفن أبو بكر وعمر مع النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وروي من طرق شتّى أنّ الحسن بن عليّ عليهما السلام أرسل إلى عائشة أن تأذن له أن يدفن مع النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، فقالت: نعم، ما كان بقي إلا موضع قبر واحد قد كنت أحبّ أن أدفن فيه وأنا أؤثرك به، فلمّا سمعت بذلك بنو أمية اشتملوا بالسلاح هم وبنو هاشم للقتال وقال مروان بن الحكم: واللّه لا يدفن مع النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أبدًا، فبلغ ذلك الحسن عليه السلام فأرسل إلى أهله: أما إذا كان هذا فلا حاجة لي فيه، ادفنوني إلى جنب أمّي فاطمة، فدفن إلى جنب أمّه فاطمة عليها السلام[٤].

↑[١] . المؤمنون/ ٢٩
↑[٢] . الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٣، ص٣٩٧؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٣، ص١٨٩
↑[٣] . سنن أبي داود، ج٢، ص٨١؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج٣، ص٤١٢
↑[٤] . الفتن لابن حماد، ص٩١؛ تاريخ المدينة لابن شبة، ج١، ص١١١؛ أنساب الأشراف للبلاذري، ج١، ص٤٠٤؛ مقاتل الطالبيّين لأبي الفرج الأصفهاني، ص٤٩؛ المعجم الكبير للطبراني، ج٣، ص٧١؛ تاريخ دمشق لابن عساكر، ج١٣، ص٢٨٧؛ أسد الغابة لابن الأثير، ج٢، ص١٥؛ سير أعلام النبلاء للذهبي، ج٣، ص٢٧٥