كاتب السؤال: أبو هادي المالكي تاريخ السؤال: ١٤٤١/٤/٢٢

طيب اللّه أوقاتكم. «وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ۖ وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ» (البقرة/ ٧٢). لقد سبقت هذه الآية المباركة آيات قد بيّن اللّه تعالى فيها أمره لبني إسرائيل ذبح بقرة وقد بيّن تفاصيل القصة أيضًا. ثمّ بعد ذلك تأتي الآية أعلاه في السياق بالترتيب حتى يُفهم ظاهرًا من أنّ ذبح البقرة لم يكن نتيجة لحادثة قتل النفس، بل كان الأمران قد تزامنا في ظاهر الأمر؛ بيد أنّ هناك فهم آخر للآية وهو أنّ ذبح البقرة نتيجة لقتلهم نفسًا منهم كي يبدي اللّه تعالى لهم ما كانوا يكتمون. فهل الأمر بذبح البقرة كان مزامنًا للأمر أم نتيجة له؟ جزيتم خيرًا.

الاجابة على السؤال: ٧ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٤١/٤/٢٨

يظهر من قول اللّه تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا[١] أنّهم تعجبّوا من قول موسى عليه السلام تعجّبًا شديدًا مع أنّ قوله لم يكن عجيبًا في ذاته؛ لأنّ اللّه كثيرًا ما أمر بذبح الحيوان قربة إليه وليس فيه أيّ غرابة وهذا يدلّ على أنّ الأمر لم يكن ابتداء من اللّه، بل كان له سبب وكان الأمر غير ملائم للسبب في زعمهم وهذا ما أثار تعجّبهم والظاهر أنّ السبب كان هو القتل والتدارؤ الذي أخبر اللّه عنه في قوله: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ۖ وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ[٢]؛ كما روي عن جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام أنّه قال: «إِنَّ رَجُلًا مِنْ خِيَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَعُلَمَائِهِمْ خَطَبَ امْرَأَةً مِنْهُمْ فَأَنْعَمَتْ لَهُ وَخَطَبَهَا ابْنُ عَمٍّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ وَكَانَ فَاسِقًا رَدِيًّا فَلَمْ يُنْعِمُوا لَهُ فَحَسَدَ ابْنَ عَمِّهِ الَّذِي أَنْعَمُوا لَهُ فَقَعَدَ لَهُ فَقَتَلَهُ غِيلَةً ثُمَّ حَمَلَهُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! هَذَا ابْنُ عَمِّي قَدْ قُتِلَ، قَالَ مُوسَى مَنْ قَتَلَهُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي وَكَانَ الْقَتْلُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَظِيمًا جِدًّا فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى مُوسَى فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا: مَا تَرَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ ... فَلَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَى مُوسَى وَبَكَوْا وَضَجَّوْا قَالَ لَهُمْ مُوسَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً فَتَعَجَّبُوا فَقَالُوا: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا؟! نَأْتِيكَ بِقَتِيلٍ فَتَقُولُ: اذْبَحُوا بَقَرَةً؟! فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: ﴿أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَخْطَؤُوا فَقَالُوا: ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ»[٣] وروي قريب من هذا عن قدماء المفسّرين كابن عباس ومجاهد ووهب والسدّيّ ومحمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس، ذكره الطبريّ ثمّ قال: «إنّهم جميعًا مجمعون على أنّ موسى إنما أمرهم بذبح البقرة من أجل القتيل إذا احتكموا إليه عن أمر اللّه إياهم بذلك، فقالوا له: وما ذبح البقرة يبين لنا خصومتنا التي اختصمنا فيها إليك في قتل من قتل فادّعى على بعضنا أنه القاتل! أتهزأ بنا؟!»[٤].

↑[١] . البقرة/ ٦٧
↑[٢] . البقرة/ ٧٢
↑[٣] . تفسير عليّ بن إبراهيم القميّ، ج١، ص٤٩
↑[٤] . تفسير الطبري، ج١، ص٤٨٢