كاتب السؤال: علي الراضي تاريخ السؤال: ١٤٣٧/١/٢٤

كيف يمكن معرفة أعلم علماء الزمان؟

الاجابة على السؤال: ٣ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٧/١/٢٨

إنّما يعرف أعلم الناس من يعرف الناس جميعًا؛ لأنّ من الناس علماء مغمورين يهربون من الشهرة صيانة لدينهم، وعلماء مقهورين يمنع الظالمون من معرفتهم والوصول إليهم، ومن الواضح أنّه لا يعرف الناس جميعًا إلا اللّه الذي يعلم ما في السماء والأرض، وعليه فلا بدّ لمعرفة أعلم الناس من الرجوع إلى اللّه، والرجوع إلى اللّه ممكن من خلال الرجوع إلى نبيّه؛ كما رجع بنو إسرائيل إلى نبيّ لهم، فدلّهم على أعلمهم بوحي من اللّه وهو طالوت، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ[١]، وكذلك دلّ هذه الأمّة نبيّها على أعلمها بوحي من اللّه، وهو خليفته من عترته، فقال: «انْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِي الثَّقَلَيْنِ: كِتَابُ اللَّهِ طَرَفٌ بِيَدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَطَرَفٌ بِأَيْدِيكُمْ فَاسْتَمْسِكُوا بِهِ لَا تَضِلُّوا، وَالْآخَرُ عِتْرَتِي، وَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ نَبَّأَنِي أَنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَسَأَلْتُ ذَلِكَ لَهُمَا رَبِّي، فَلَا تَقْدُمُوهُمَا فَتَهْلَكُوا، وَلَا تَقْصُرُوا عَنْهُمَا فَتَهْلَكُوا، وَلَا تُعَلِّمُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ»[٢] وقال: «لَا تُعَلِّمُوا أَهْلَ بَيْتِي فَهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ»[٣]. فلم يقبل هذه الأمّة من نبيّها كما لم يقبل بنو إسرائيل من نبيّهم إذ قالوا: ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ[٤]. بناء على هذا، فلا شكّ أنّ أعلم هذه الأمّة في كلّ زمان إمامها فيه من عترة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وهو في هذا الزمان المهديّ الذي قال فيه النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي»[٥]، ولكنّه مغمور مستتر؛ لأنّه يخاف على نفسه من الظالمين، ولا يزال كذلك حتّى يشعر بالأمان نظرًا لاجتماع القلوب والألسنة والأيدي على نصرته؛ كما بيّن ذلك المنصور في كتبه المنيرة وأقواله الطيّبة.

نعم، إذا كان مرادك العلماء المعروفين دون المهديّ، فمن الممكن للناس معرفة أعلمهم بمقايسة آرائهم وأعمالهم؛ لأنّ كلّ واحد منهم له آراء أقرب إلى العقل والشرع وأبعد من الظنّيّات، وأعمال أقرب إلى العدل والتقوى وأبعد من الركون إلى الظالمين، فهو أعلم، ومن يطلبه بصدق وإنصاف يهده اللّه إليه؛ لأنّ فضله على سائر العلماء كفضل القمر على سائر النجوم، ونحن نرى أنّه هو المنصور بلا منازع، والفضل بيد اللّه، ﴿يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ[٦].

↑[١] . البقرة/ ٢٤٧
↑[٢] . المعجم الكبير للطبراني، ج٣، ص٦٦، ج٥، ص١٦٦
↑[٣] . ترتيب الأمالي الخميسية للشجري، ج١، ص٢٠٥
↑[٤] . البقرة/ ٢٤٧
↑[٥] . سنن ابن ماجه، ج٢، ص١٣٦٨؛ سنن أبي داود، ج٤، ص١٠٧؛ تاريخ ابن أبي خيثمة (السفر الثالث)، ج٢، ص١١٨؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، ج٤، ص٥٥٧؛ السنن الواردة في الفتن للداني، ج٥، ص١٠٦١؛ شرح السنة للبغوي، ج١٥، ص٨٦
↑[٦] . آل عمران/ ٧٣