كاتب السؤال: علي الراضي تاريخ السؤال: ١٤٣٧/١/١٨

لقد أخبر العلامة المنصور الهاشمي الخراساني في كتاب «العودة إلى الإسلام» بأنّه لا يحبّ الفلسفة؛ «لأنّها على الرّغم من أنّ بعض نتائجها صحيحة، إلّا أنّ أسلوبها يختلف عن أسلوب العقلاء، وهي أكثر ذهنيّة وتجريديّة ممّا ينفعهم». فما رأيه في سائر العلوم العقليّة، مثل المنطق والكلام؟

الاجابة على السؤال: ٢ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٧/١/٢٠

الكلام علم نافع إذا كان المقصود منه معرفة عقائد الإسلام على أساس البرهان، والدفاع عنها أمام شبهات المنكرين؛ كما يدلّ على ذلك قول اللّه تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[١]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ[٢]، وأمّا إذا كان المقصود منه المجادلة من خلال المغالطة واللعب بالمصطلحات للدفاع عن العقائد التي لا برهان عليها فهو سمّ قاتل؛ كما يدلّ على ذلك قول اللّه تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ[٣]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ ۚ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[٤]، وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ[٥]، وعلى هذا يُحمل ما روي في ذمّ الكلام من الأحاديث والآثار، كما جمعه أبو الفضل الرازي (ت٤٥٤ه‍) في كتاب «أحاديث في ذمّ الكلام وأهله»، وأبو إسماعيل الهرويّ (ت٤٨١ه‍) في كتاب «ذمّ الكلام وأهله».

هذه هي الحال بالنسبة للمنطق؛ ما يعين منه على معرفة مبادئ التفكير والإستدلال وعدم الإغترار بالمغالطات إعانة معلومة فهو نافع، وما زاد عن ذلك فهو إضاعة للوقت والقوّة واشتغال بالقيل والقال، ويعتبر تنطّعًا مثل الفلسفة، وقد نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عن ذلك بقوله: «إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ»[٦]، وروي أنّه قال: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» ثلاثًا[٧].

↑[١] . النّحل/ ١٢٥
↑[٢] . البقرة/ ١١١
↑[٣] . الحجّ/ ٨
↑[٤] . غافر/ ٥٦
↑[٥] . غافر/ ٣٥
↑[٦] . راجع: الدرس ٥٦ من الباب ٢.
↑[٧] . راجع: الدرس ٥٧ من الباب ٢.