كاتب السؤال: علي الراضي تاريخ السؤال: ١٤٣٧/١/١٨

للشيعة أدعية كثيرة يدعون بها للإمام المهديّ عليه السلام، مثل دعاء الفرج، ودعاء الندبة، ودعاء الإفتتاح، ودعاء العهد، وغير ذلك. ما رأي السيّد المنصور في هذه الأدعية؟

الاجابة على السؤال: ٢ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٧/١/٢٠

ليس في الأدعية التي يدعو بها الشيعة للإمام المهديّ عليه السلام دعاء ثابت عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو أهل بيته، بل معظمها كلام حقّ ألّفه بعض علمائهم ومحدّثيهم، وبعضها كلام باطل لفّقه بعض غلاتهم وزنادقتهم؛ كالدّعاء الذي ذكره السيّد بن طاووس (ت٦٦٤هـ) في «جمال الأسبوع»[١]، والكفعميّ (ت٩٠٥هـ) في «المصباح»[٢]، وفيه: «يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ، يَا عَلِيُّ يَا مُحَمَّدُ، اكْفِيَانِي فَإِنَّكُمَا كَافِيَايَ، يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ، يَا عَلِيُّ يَا مُحَمَّدُ، انْصُرَانِي فَإِنَّكُمَا نَاصِرَايَ، يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ، يَا عَلِيُّ يَا مُحَمَّدُ، احْفَظَانِي فَإِنَّكُمَا حَافِظَايَ، يَا مَوْلَايَ يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- الْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ، أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي، الْأَمَانَ الْأَمَانَ الْأَمَانَ»، ولا شكّ في أنّه كلام بعض غلاتهم وزنادقتهم، وقد اشتهر بينهم في العقود الأخيرة لأنّ العبّاس القمّيّ (ت١٣٥٩هـ) أورده في «مفاتيح الجنان»[٣]، وهو كتاب متداول بينهم، وأصله ما رواه أبو الحسين بن أبي البغل الكاتب (ت٢٩٩هـ)، قال: «تَقَلَّدْتُ عَمَلًا مِنْ أَبِي مَنْصُورِ بْنِ الصَّالِحَانِ، وَجَرَى بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا أَوْجَبَ اسْتِتَارِي، فَطَلَبَنِي وَأَخَافَنِي، فَمَكَثْتُ مُسْتَتِرًا خَائِفًا، ثُمَّ قَصَدْتُ مَقَابِرَ قُرَيْشٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، وَاعْتَمَدْتُ الْمَبِيتَ هُنَاكَ لِلدُّعَاءِ وَالْمَسْأَلَةِ، فَسَأَلْتُ ابْنَ جَعْفَرٍ الْقَيِّمَ أَنْ يُغْلِقَ الْأَبْوَابَ وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي خَلْوَةِ الْمَوْضِعِ، فَفَعَلَ، وَقَفَلَ الْأَبْوَابَ، وَانْتَصَفَ اللَّيْلُ»، فزعم أنّه لقي الإمام المهديّ عليه السلام في ذلك الموضع، فعلّمه هذا الدّعاء، وأمره بأن يدعو به في السجود مائة مرّة، وسمّاه «دعاء الفرج»[٤]، وكذب الخبيث، إلّا أن كان قد رأى شيطانًا، فزعم أنّه الإمام المهديّ عليه السلام؛ لأنّ هذا كفر وشرك وغلوّ لا يأمر به إمام من أهل البيت، والأظهر أنّه افتعل القصّة من أساسها؛ فإنّه كان زنديقًا فاجرًا من أعوان الظالمين، وكان شاعرًا يكذب ويملق؛ كما ذكره القاضي عبد الجبّار (ت٤١٥هـ) في «قَوْمٍ مِنَ الْكُتَّابِ وَعُمَّالِ السُّلْطَانِ يُعْرَفُونَ بِبَنِي أَبِي الْبَغْلِ، يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمِنَ الشِّيعَةِ، وَهُمْ يَمِيلُونَ مَيْلَ الْقَرَامِطَةِ، وَيَلْزِمُونَ صَنْعَةَ النُّجُومِ، وَيَقُولُونَ فِي ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ[٥]: هِيَ مِنَ الْبَوَارِدِ وَمِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا مَعْنَى لَهَا، وَيَتَحَدَّثُونَ بِذَلِكَ فِي دَوَاوِينِهِمْ وَمَحَافِلِهِمْ، وَيَضْرِبُونَ فِي ذَلِكَ الْأَمْثَالَ»[٦]، فإذا قيل لهم في ذلك قالوا: «إِذَا حَقَّتِ الْحَقَائِقُ وَحَصَلْنَا مَعَ مَنْ قَدْ نَظَرَ وَاعْتَبَرَ اعْتَرَفْنَا بِأَنَّا مُبْطِلُونَ وَمُحْتَالُونَ، وَأَنَّا قَدْ سَخِرْنَا مِنَ النَّاسِ بِالتَّشَيُّعِ، وَخَدَعْنَاهُمْ»[٧]، وروى الطبريّ (ت٣١٠هـ) أنّ المقتدر العبّاسيّ سأل عنه عليّ بن عيسى ليقول فيه بمعرفته قبل أن يتّخذه وزيرًا، فوقّع تحت اسمه: «ظَالِمٌ لَا دِينَ لَهُ»[٨]، وهو الذي قال لهارون الرشيد: «لَوْ عَبَدَ النَّاسُ سِوَى رَبِّهِمْ ... أَصْبَحْتَ دُونَ اللَّهِ مَعْبُودًا»[٩]، وروى المعافى بن زكريا (ت٣٩٠هـ) عن عبدوس بن مهديّ، أنّه قال: «نَزَلْتُ عَلَى ابْنِ أَبِي الْبَغْلِ عِنْدَ تَقَلُّدِهِ الْإِشْرَافَ عَلَى أَعْمَالِ الْجَبَلِ، فَزَارَتْهُ مُغَنِّيَةٌ كَانَ بِهَا لَهِجًا عَلَى قِلَّةِ إِعْجَابِهِ بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّا لَلَيْلَةٌ وَنَحْنُ قُعُودٌ بِالْبُسْتَانِ نَشْرَبُ وَقَدْ طَلَعَ الْقَمَرُ، فَهَبَّتْ رِيحٌ عَظِيمَةٌ، فَقَلَبَتْ صَوَانِيَنَا الَّتِي كَانَ فِيهَا شَرَابُنَا فَشِيلَتْ، وَأَقْبَلَ الْغِلْمَانُ يَسْقُونَنَا، فَسَكِرَ ابْنُ أَبِي الْبَغْلِ عَلَى ضَعْفِ شُرْبِهِ، وَقَامَ إِلَى مَرْقَدِهِ، وَأَخَذْنَا مَعَهُ وَالْمُغَنِّيَةُ، فَلَمَّا حَصَلْنَا فِيهِ اسْتَدْعَى قَدَحًا وَلَنَا مِثْلَهُ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ: <مَغْمُوسَةٌ فِي الْحُسْنِ مَعْشُوقَةٌ ... تَقْتُلُ ذَا الصَّبِّ وَتُحْيِيهِ ... بَاتَ يُرِينِيهَا هِلَالُ الدُّجَى ... حَتَّى إِذَا غَابَ أَرَتْنِيهِ>، وَطَرَحَ الشِّعْرَ عَلَى الْمُغَنِّيَةِ، فَلَقَّنَتْهُ وَغَنَّتْنَا بِهِ، وَشَرِبْنَا الْقَدَحَ وَانْصَرَفْنَا، فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ وَحَضَرْنَا الْمَائِدَةَ وَهِي مَعَنَا فَاتَحْنَاهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ، فَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَعْقِلْ بِمَا جَرَى وَلَا بِالشِّعْرِ، وَاسْتَدْعَى دَفْتَرَهُ، فَأَثْبَتَ الْبَيْتَيْنِ فِيهِ»[١٠]. لهذه الأوصاف، لا ينبغي الشكّ في أنّه افتعل الدعاء ونسبه إلى الإمام المهديّ عليه السلام استهزاء بالشيعة.

نعم، لا بأس بأن يدعو المسلم بما صحّ معناه من الأدعية المؤلّفة دون الإعتقاد بأنّه دعاء النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو أهل بيته، لكنّ الأحسن أن يدعو بما يجري اللّه على لسانه من الكلمات الطيّبات، فيحمد اللّه ويثني عليه، ثمّ يصلّي على محمّد وآله، ثمّ يستغفر لذنوبه، ثمّ يسأل حوائجه الشرعيّة، من دون أن يقرأ من كتاب أو حفظ؛ فإنّ ذلك أكثر خلوصًا وأقرب إلى الإجابة إن شاء اللّه؛ لا سيّما إذا أضاف إليه الدعاء للإمام المهديّ عليه السلام؛ فإنّه ممّا لا ينبغي تركه؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

سَمِعْتُ عَبْدًا صَالِحًا -يَعْنِي الْمَنْصُورَ- يَقُولُ: مَنْ دَعَا لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَدْعُ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ -يَعْنِي الْمَهْدِيَّ- فَقَدْ جَفَاهُ.

↑[١] . جمال الأسبوع للسيّد بن طاووس، ص١٨١
↑[٢] . المصباح للكفعميّ، ص١٧٦
↑[٣] . مفاتيح الجنان للقمي، ص١٠٢
↑[٤] . انظر: دلائل الامامة للطبري الشيعي، ص٥٥١.
↑[٥] . الكافرون/ ١
↑[٦] . تثبيت دلائل النبوة للقاضى عبد الجبار، ج١، ص٤٢
↑[٧] . تثبيت دلائل النبوة للقاضى عبد الجبار، ج٢، ص٦١٠
↑[٨] . انظر: تاريخ الطبري، ج١١، ص٦٨.
↑[٩] . يتيمة الدهر للثعالبي، ج٣، ص٣٦٤
↑[١٠] . الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي للمعافى بن زكريا، ص١٦٩