كاتب السؤال: علي الراضي تاريخ السؤال: ١٤٣٧/١/٧

يعتقد الشيعة برجعة بعض الصدّيقين والشهداء بعد ظهور الإمام المهديّ عليه السلام. ما رأي السيّد المنصور الهاشمي الخراساني في هذه القضيّة؟

الاجابة على السؤال: ١ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٧/١/٩

إنّ رجعة بعض الموتى إلى الدّنيا قبل يوم القيامة غير مستحيلة؛ لأنّ اللّه تعالى قد أخبر عن وقوعها في كتابه وقال: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ[١]؛ كما أخبر عن رجعة طائفة من بني إسرائيل بعد أن أخذتهم الصاعقة[٢]، وأخبر عن رجعة عزير عليه السلام بعد أن أماته مائة عام[٣]، وأخبر عن رجعة بعض الموتى بدعاء عيسى عليه السلام وإجابة اللّه[٤]، بل الظاهر من قوله تعالى: ﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ۝ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ[٥] أنّ رجعة المهلَكين ليست حرامًا أي محالًا بعد أن فتحت يأجوج ومأجوج؛ لأنّ ﴿حَتَّى حرف غاية يدلّ على انتهاء الحرمة المذكورة، إلا أنّ انتهاء الحرمة المذكورة لا يستلزم الوجوب، بل يستلزم الإمكان. لذلك، يجب الإعتقاد بإمكان رجعة بعض الموتى إلى الدّنيا قبل يوم القيامة، ولكن لا يجب الإعتقاد بأنّها واقعة حتمًا؛ لأنّ وقوعها الحتميّ أمر لا يُعرف من القرآن والسنّة المتواترة، ولا يدرك العقل ضرورته، على الرغم من أنّه يسلّم بإمكان وقوعها نظرًا إلى أنّ اللّه على كلّ شيء قدير، وقد فرّط أهل السنّة، فأنزلوه منزلة المحالات تعصّبًا وتشنيعًا على الشيعة؛ كما أنّ الشيعة أفرطوا، فجعلوه من ضروريّات المذهب، والطريقة الوسطى هي إمكانه وعدم حتميّته، واللّه تعالى أعلم.

↑[١] . البقرة/ ٢٤٣
↑[٢] . البقرة/ ٥٦
↑[٣] . البقرة/ ٢٥٩
↑[٤] . المائدة/ ١١٠
↑[٥] . الأنبياء/ ٩٥-٩٦
رقم التعليق: ١ كاتب التعليق: داوود تاريخ التعليق: ١٤٤١/٦/٥

بالنظر إلى الآية ٨٣ من سورة النمل، هل هناك فرق بين اليوم الذي يحشر فيه فوج ممّن يكذّب بآيات اللّه ويوم القيامة الذي يحشر فيه الناس كلّهم أجمعون؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فهل هي إشارة إلى الرجعة؟ أسأل اللّه لكم التوفيق.

الاجابة على التعليق: ١ تاريخ الاجابة على التعليق: ١٤٤١/٦/٩

استدلّ المتكلّمون من الشيعة لإثبات حتميّة وقوع الرجعة بالآية ٨٣ من سورة النمل، وهي قول اللّه تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ، مع التفسير بأنّ حشر فوج ممّن يكذّب بآيات اللّه لا يمكن أن يكون في يوم القيامة؛ لأنّ في يوم القيامة سيُحشر كلّهم جميعًا، لا فوجًا منهم فقطّ؛ كما قال تعالى: ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا[١]. لذلك، فإنّ الآية تدلّ على رجعة فوج ممّن يكذّب بآيات اللّه قبل يوم القيامة[٢]، لكنّ الإنصاف أنّ هذا التفسير غير صحيح؛ لأنّ «الفوج» في الآية ترجع إلى «الأمّة» قبل أن ترجع إلى من يكذّب بآيات اللّه؛ كما قال تعالى: ﴿مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا، وذلك لأنّ من يكذّب بآيات اللّه من كلّ أمّة ليسوا كلّهم جميعًا، ولكن فوجًا منهم؛ بالنظر إلى أنّه كان هناك في كلّ أمّة مؤمنون؛ كما أنّ من يكذّب بآيات اللّه من كلّ أمّة هم فوج من المكذّبين بآيات اللّه، وليسوا كلّهم جميعًا؛ بالنظر إلى أنّه كان هناك في سائر الأمم أيضًا مكذّبون. لذلك، فإنّ الآية لا تعني أنّه لا يُحشر بعض من يكذّب بآيات اللّه، ولكنّها تعني أنّهم يُحشرون كلّهم أفواجًا، ثمّ هم ﴿يُوزَعُونَ أي يلحق بعضهم ببعض، وهذا ما تبيّنه آيات أخرى؛ كالآية التي تقول: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا[٣]، والآية التي تقول: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا[٤]، والآية التي تقول: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ[٥]، وما يزيد من ظهور الآية في يوم القيامة هو الآية التي تليها، إذ تقول عن الأفواج المحشورة: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ[٦]؛ لأنّه من المسلّم به أنّ هذه المواخذة والمخاطبة الإلهيّة ستتمّ في يوم القيامة لا في الدّنيا، وعليه فإنّ دلالة الآية على يوم القيامة واضحة، وبالتالي لا يمكن قبول روايات معدودة عن أهل البيت قد حملتها على الرجعة؛ بالنظر إلى أنّ أهل البيت لا يقولون أبدًا بما يخالف كتاب اللّه؛ كما قالوا: «مَا أَتَاكُمْ عَنَّا مِنْ حَدِيثٍ لَا يُصَدِّقُهُ كِتَابُ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ»[٧]، وقالوا: «كُلُّ حَدِيثٍ لَا يُوَافِقُ كِتَابَ اللَّهِ فَهُوَ زُخْرُفٌ»[٨].

↑[١] . الكهف/ ٤٧
↑[٢] . انظر: الإعتقادات في دين الإماميّة لابن بابويه، ص٦٢.
↑[٣] . النّبأ/ ١٨
↑[٤] . الزّمر/ ٧١
↑[٥] . الملك/ ٨
↑[٦] . النّمل/ ٨٤
↑[٧] . المحاسن للبرقي، ج١، ص٢٢١
↑[٨] . المحاسن للبرقي، ج١، ص٢٢١؛ الكافي للكليني، ج١، ص٦٩
رقم التعليق: ٢ كاتب التعليق: بلال محمّد تاريخ التعليق: ١٤٤٥/١/٥

لقد قال اللّه تعالى: «حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ۝ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» (المؤمنون/ ٩٩-١٠٠). أليس هذا يدلّ على انتفاء الرجعة بعد الموت؟

الاجابة على التعليق: ٢ تاريخ الاجابة على التعليق: ١٤٤٥/١/١٥

هذا لا يدلّ على انتفاء الرجعة بعد الموت، بل يدلّ على انتفاء تأخّر الموت إذا جاء الأجل، وهو في معنى قوله تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ۝ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[١]. نعم، قوله تعالى: ﴿وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ[٢]، يدلّ على بقاء الأموات في البرزخ إلى يوم القيامة، وفي ذلك دلالة على أنّهم لا يرجعون إلى الدّنيا، لكن بما أنّ اللّه قد أخبر بصراحة عن رجعة بعضهم إلى الدّنيا، فيتبيّن أنّه بيان للغالب، والمراد به أنّ الإنسان إذا جاء أجله لا يمهّل أبدًا، ولا يرجع إلى الدّنيا بعد الموت إلّا أن يشاء اللّه، كأمر نادر لا يجب ولا يُتوقّع، ومن الواضح أنّ الآيات تفسّر بعضها بعضًا، ولا بدّ من الأخذ بها جميعًا، لقوله تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ[٣].

↑[١] . المنافقون/ ١٠-١١
↑[٢] . المؤمنون/ ١٠٠
↑[٣] . البقرة/ ٨٥