كاتب السؤال: رضوان تاريخ السؤال: ١٤٣٧/١١/٢١

ما هو حكم جنابه في الموسيقى؟ يرجى تقديم مثال أو أمثلة من الموسيقى الحلال. ما هو رأي جنابه في إقامة الحفلات الموسيقية التي أدّت إلى الإختلاف بين العلماء في إيران؟ يعتقد البعض بأنّ الإسلام دين العنف وهو مخالف للسّرور ولهذا السبب، يعارض بعض العلماء الموسيقى والحفلات الموسيقية.

الاجابة على السؤال: ٠ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٧/١١/٢٥

الموسيقى بمعنى أصوات متتالية، متناغمة وممتعة ليست لها حرمة ذاتيّة؛ لأنّ تتالي الأصوات وتناغمها وكونها ممتعة ليس بقبيح عقلًا ولهذا هو وفير في خلق اللّه وبالتالي لا يعتبر حرامًا في شريعته أيضًا؛ إلا أن يجد عنوانًا ثانويًّا وهو «اللَّغْوُ»، «قَوْلُ الزُّورِ» و«لَهْوُ الْحَدِيثِ»؛ لأنّ اللّه قد أمر بالإعراض عنه وقال: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ[١] وقال: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ[٢] وقال: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا[٣] وقال: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ[٤] وقال: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ[٥].

من هنا يعلم أنّ الموسيقى محرّمة في حالتين:

١ . صورتها مطربة، محرّكة ومناسبة للرقص وإن لم يكن فيها كلام باطل؛ لأنّها في هذه الحالة مثال على «اللغو».

٢ . فيها كلام باطل كالكفر، الكذب، الهجو، الهزل، الفحش، الإستهزاء، الغيبة أو التشبيب (التغزّل بذكر محاسن المرأة والرّجل) وإن لم تكن صورتها مطربة، محرّكة ومناسبة للرقص؛ لأنّها في هذه الحالة مثال على «قول الزّور» و«لهو الحديث».

هذا مبدأ العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى في المسموعات وهو قائم على كلام اللّه في القرآن؛ لأنّ اللّه قد قسم المسموعات المحرّمة في القرآن إلى قسمين وقال في أصحاب الجنّة: ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا[٦] وقال: ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا[٧] ولذلك، إنّ الإستماع إلى أيّ منهما حرام؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

«سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ كَلِمَةً خَبِيثَةً وَصَوْتًا مُطَرِّبًا فَلا تَسْمَعُوهُما وَمَنْ يَسْمَعُهُما فَإِنَّما يُصَبُّ فِي أُذُنِهِ الْحَمِيمُ وَلا تَرْقُصُوا فَإِنَّ الشَّيْطانَ راقِصٌ وَيُحِبُّ الرّاقِصِينَ».

نعم، إنّ الإستماع إلى الموسيقى إذا لم تكن مطربة، محرّكة ومناسبة للرقص ولا مشتملة على كلام محرّم، فلا بأس به وهو مباح كالإستماع إلى أيّ صوت آخر؛ كما أخبرنا بعض أصحابنا، قال:

«قالَ لِيَ الْمَنْصُورُ: إِنِّي سَمِعْتُ نَغْمَةً حَسَنَةً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ فَحَسِبْتُها مِنْ نَغَماتِ الْجَنَّةِ! قُلْتُ: أَفَيُعْجِبُكَ شَيْءٌ مِنَ النَّغْمَةِ؟! قالَ: إِنَّها إِذَا اعْتَدَلَتْ وَلَمْ يَكُنْ فِيها كِذْبٌ وَلا هَجْوٌ وَلا فُحْشٌ وَلا تَشْبِيبٌ فَلا يَكْرَهُها إِلّا الْحِمارُ!»

هكذا يتسهّل للمكلّف معرفة المصاديق ويُعلم حكم الحفلات الموسيقية؛ كما يُعلم أنّ الإسلام ليس بدين العنف والحداد، بل هو دين العقلانيّة، الإعتدال والرزانة وإنّ الذين يبتغون السّرور في الخفّة، الكفر، الكذب، الهجو، الهزل، الفحش، الإستهزاء، الغيبة أو التشبيب أولئك في ضلال بعيد؛ كما قال اللّه: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ[٨].

↑[١] . القصص/ ٥٥
↑[٢] . المؤمنون/ ٣
↑[٣] . الفرقان/ ٧٢
↑[٤] . الحجّ/ ٣٠
↑[٥] . لقمان/ ٦
↑[٦] . الواقعة/ ٢٥
↑[٧] . النّبأ/ ٣٥
↑[٨] . يونس/ ٥٨