يُخْبِرُونَ عَمَّا فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَتَحْتَ الْأَرْضِ الرَّابِعَةِ، وَلَكِنْ لَا يَمْلِكُونَ عِلْمًا صَحِيحًا بِعَقَائِدِ الْإِسْلَامِ وَلَا فِقْهًا كَبِيرًا فِي حَلَالِهِ وَحَرَامِهِ، وَكَلِمَاتُهُمُ الْقِصَارُ مُبْهَمَةٌ وَفَارِغَةٌ كَنَعِيقِ الْغُرَابِ! لَا جَذْرَ لَهُمْ فِي أَرْضِ الْمَعْرِفَةِ، وَلَا نَجْمَ لَهُمْ فِي سَمَاءِ التَّقْوَى! يُضِلُّونَ أَحَدًا بِحُلْمٍ لَمْ يَرَوْهُ، وَآخَرَ بِهَاتِفٍ لَمْ يَسْمَعُوهُ! يُلْقُونَ أَحَدًا فِي الْبِئْرِ بِآيَةٍ لَمْ تَنْزِلْ، وَآخَرَ بِرِوَايَةٍ لَمْ تَصْدُرْ! يَخْدَعُونَ أَحَدًا بِكَلَامٍ لَاغٍ، وَآخَرَ بِطِلَسْمٍ مُعَقَّدٍ! وَهَكَذَا، لَا يَتْرُكُونَ بَابًا مَفْتُوحًا إِلَى الْمَهْدِيِّ إِلَّا وَيُغْلِقُونَهُ، وَلَا طَرِيقًا قَصِيرًا لِأَنْصَارِهِ إِلَّا وَيَسُدُّونَهُ، وَلَا مَنْزِلًا طَيِّبًا لِمُحِبِّيهِ إِلَّا وَيُنَجِّسُونَهُ! كُلَّ يَوْمٍ يَتَّخِذُونَ لَوْنًا وَيَدَّعُونَ ادِّعَاءً وَيَكْتَشِفُونَ شَيْئًا جَدِيدًا عَنْ أَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لِأَمَانِيِّهِمْ وَمُبَالَغَاتِهِمْ. يَشُوبُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، وَيَلُوثُونَ الصِّدْقَ بِالْكِذْبِ، حَتَّى لَا تَبْقَى لِلْحَقِّ حُرْمَةٌ وَلَا لِلصِّدْقِ قِيمَةٌ! عِنْدَمَا تُرْفَعُ رَايَةُ الْحَقِّ مَنْ يَعْرِفُهَا؟! وَعِنْدَمَا تُقَالُ كَلِمَةُ الصِّدْقِ مَنْ يَقْبَلُهَا؟! عَمِيَتِ الْأَبْصَارُ وَصَمَّتِ الْآذَانُ وَتَعِبَتِ الْأَيْدِي، وَلَمْ يَعُدْ هُنَاكَ صَبْرٌ لِلْمُقَايَسَةِ وَالْإِسْتِقْصَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَدْعِيَاءَ قَدْ بَثَّوْا بَذْرَ سُوءِ الظَّنِّ فِي الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَأَثَارُوا غُبَارَ التَّشَاؤُمِ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَبَلَغُوا بِالنَّفْسِ إِلَى الْحُلْقُومِ وَبِالسِّكِّينِ إِلَى الْعَظْمِ.