كاتب السؤال: علي الراضي تاريخ السؤال: ١٤٣٧/١/٤

ما حكم النذر للإمام الحسين عليه السلام وسائر أهل البيت عليهم السلام؟ هذا أمر شائع جدًّا بين الشيعة في أيّام محرّم وصفر.

الاجابة على السؤال: ١ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٧/١/٥

النذر عبادة، ولذلك يجب أن يكون للّه، ولا يجوز النذر لغيره، ولا ينعقد، والمراد بالنذر للّه أن يقول مطلقًا: «للّه عليّ أن أطعم المعزّين للإمام الحسين كلّ عام في شهر محرّم»، أو يقول مقيّدًا: «للّه عليّ إن قضى لي حاجتي الفلانيّة أن أطعم المعزّين للإمام الحسين كلّ عام في شهر محرّم». فمثل هذا النذر صحيح ولا بأس به، ولكن إن قال: «عليّ للإمام الحسين»، أو «نذرت للإمام الحسين»، فنذره باطل؛ كما جاء عن أهل البيت أنّهم قالوا: «إِذَا لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ»[١]. بغضّ النظر عن حقيقة أنّ الأفضل للناذر أن ينذر أعمالًا أحسن وأكثر فائدة؛ مثل إطعام المساكين، ورعاية الأيتام، ومساعدة الشباب على النكاح، ودعم الممهّدين لظهور المهديّ؛ لأنّ المعزّين للإمام الحسين لا يحتاجون إلى طعامه غالبًا، ويأكلون ويشربون في أيّام الحداد عليه أكثر ممّا في أيّام عيدهم وسرورهم! بل الأحوط أن لا ينذر إطعامهم؛ لأنّهم متلبّسون غالبًا بأنواع المعصية، من اللطم والجرح والإختلاط بغير المحارم والكذب على أهل البيت والتغنّي بالأشعار الباطلة وإغراء العداوة والبغضاء بين المسلمين والدعاء للطواغيت وأئمّة الجور، ومن الواضح أنّ إطعامهم في هذه الحالة إعانة لهم على الإثم والعدوان، وقد قال اللّه تعالى: ﴿لَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[٢]، ولذلك يمكن القول بأنّ نذر إطعامهم غير جائز، ولا ينعقد؛ لأنّه نذر معصية، وقد روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ»[٣]، وقال: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ»[٤]، وينبغي لمن نذر ذلك أن يعدل إلى بعض ما ذكرنا من أبواب البرّ؛ كما روي عن أهل البيت أنّهم قالوا: «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ جَعَلَ لِلَّهِ عَلَيْهِ شَيْئًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتْرُكَهَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ»[٥].

↑[١] . النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسى الأشعريّ، ص٣٢؛ الكافي للكليني، ج٧، ص٤٥٨؛ من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج٣، ص٣٦١؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٨، ص٣٠٧
↑[٢] . المائدة/ ٢
↑[٣] . مسند عبد اللّه بن المبارك، ص١٠٥؛ مسند أبي داود الطيالسي، ج٣، ص٨٧؛ مسند الشافعي، ص٣٣٩؛ مصنف عبد الرزاق، ج٨، ص٤٣٣؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٣، ص٦٧؛ مسند أحمد، ج١١، ص٥٢٥؛ النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسى الأشعريّ، ص٣٢؛ مسند الدارمي، ج٣، ص١٥٠٨؛ صحيح مسلم، ج٥، ص٧٩؛ سنن ابن ماجه، ج١، ص٦٨٦؛ سنن أبي داود، ج٣، ص٢٢٧؛ سنن الترمذي، ج٤، ص١٠٣؛ سنن النسائي، ج٧، ص١٩؛ الكافي للكليني، ج٧، ص٤٤٠؛ من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج٣، ص٣٦٠؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٨، ص٢٨٥
↑[٤] . موطأ مالك (رواية يحيى)، ج٢، ص٤٧٦؛ مسند الشافعي، ص٣٣٩؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٣، ص٦٦؛ مسند أحمد، ج٤٠، ص٨٦؛ مسند الدارمي، ج٣، ص١٥٠٨؛ سنن ابن ماجه، ج١، ص٦٨٧؛ سنن أبي داود، ج٣، ص٢٣٢؛ سنن الترمذي، ج٤، ص١٠٤؛ سنن النسائي، ج٧، ص١٧
↑[٥] . تهذيب الأحكام للطوسي، ج٨، ص٣١٢
رقم التعليق: ١ كاتب التعليق: أمّ علي تاريخ التعليق: ١٤٤٣/٥/٢٠
نذرت نذرًا لوجه اللّه وأهل البيت. فهل يصحّ نذري؟
الاجابة على التعليق: ١ تاريخ الاجابة على التعليق: ١٤٤٣/٥/٢٥

النذر عبادة، ولذلك يجب أن يكون للّه وحده؛ كما قال سبحانه: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا[١]، وحكى عن امرأة عمران أنّها قالت: ﴿رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[٢]. فإن كانت نيّتك النذر للّه ولأهل البيت معًا، فنذرك باطل؛ كما إذا كانت نيّتك الصلاة والصوم للّه ولأهل البيت معًا، والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[٣]، ومن الواضح أنّ كون أهل البيت أولياء اللّه وشفعاء الناس يوم القيامة ليس دليلًا لجواز عبادتهم مع اللّه؛ كما قال تعالى: ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ۚ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ[٤]، وقال تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ۚ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[٥]، وقال تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا ۖ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ[٦]، وقال تعالى: ﴿وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[٧]. هذه الآيات كلّها تدلّ بصراحة على عدم جواز إشراك النبيّين والصالحين في عبادة اللّه، فمن أشركهم فيها وهو يدّعي تشيّعهم فقد ناقض نفسه؛ لأنّه أتى ما كانوا ينهون عنه، وشيعة الرّجل من يتّبعه؛ كما جاء عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام أنّه قال: «إِنَّمَا شِيعَتُنَا مَنْ تَابَعَنَا وَلَمْ يُخَالِفْنَا»[٨]، وعن جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام أنّه قال: «لَيْسَ مِنْ شِيعَتِنَا مَنْ قَالَ بِلِسَانِهِ وَخَالَفَنَا فِي أَعْمَالِنَا وَآثَارِنَا، وَلَكِنْ شِيعَتُنَا مَنْ وَافَقَنَا بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَاتَّبَعَ آثَارَنَا وَعَمِلَ بِأَعْمَالِنَا، أُولِئَكَ مِنْ شِيعَتِنَا»[٩].

↑[١] . الكهف/ ١١٠
↑[٢] . آل عمران/ ٣٥
↑[٣] . الزّمر/ ٦٥
↑[٤] . الزّمر/ ٣
↑[٥] . يونس/ ١٨
↑[٦] . التّوبة/ ٣١
↑[٧] . آل عمران/ ٨٠
↑[٨] . الأصول الستة عشر لعدة من المحدثين، ص٦١؛ قرب الإسناد للحميري، ص٣٥٠؛ تفسير العيّاشي، ج٢، ص١١٧
↑[٩] . مستطرفات السرائر لابن إدريس، ص٢٦٤
رقم التعليق: ٢ كاتب التعليق: أمّ علي تاريخ التعليق: ١٤٤٣/٥/٢٥

شكرًا جزيلًا على الإجابه عن سؤالي، ولكن أريد أن أسأل ماذا أفعل لكي أتحرّر من النذر، هل هناك كفّارة؟ لأنّ سماحتكم تقولون أنّه لا يصحّ النذر للّه وأهل البيت معًا. فماذا أفعل لأبرئ ذمّتي؟ وشكرًا مرّة أخرى لتفضّلكم.

الاجابة على التعليق: ٢ تاريخ الاجابة على التعليق: ١٤٤٣/٥/٢٧

النذر إذا كان باطلًا لا يجب الوفاء به ولا الكفّارة عنه، وإنّما يجب الإستغفار منه؛ لأنّه كان عملًا سيّئًا، ولكن إن كان اللّه تعالى قد قضى حاجتك التي نذرت لأجلها نذرًا باطلًا فيستحبّ أن تأتي بالعبادة التي نذرتها بنيّة الشكر، لا بنيّة الوفاء ولا الكفّارة، وإن لم يكن قد قضى حاجتك بعد، فيمكنك إعادة نذرك بشكل صحيح إن شئت، والإكثار من الدّعاء خير من النذر؛ فقد روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «إِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَدِّمُ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ»[١]، وفي رواية عنه وأهل بيته: «أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ الدُّعَاءُ»[٢].

↑[١] . مسند عبد اللّه بن المبارك، ص١٠٤؛ مسند أبي داود الطيالسي، ج٣، ص٣٩١؛ مصنف عبد الرزاق، ج٨، ص٤٤٣؛ مسند ابن الجعد، ص١٢٩؛ مصنف ابن أبي شيبة، ج٣، ص٩٤؛ مسند أحمد، ج١٢، ص١٤٢؛ مسند الدارمي، ج٣، ص١٥٠٩؛ صحيح البخاري، ج٨، ص١٢٤؛ صحيح مسلم، ج٥، ص٧٧؛ سنن ابن ماجه، ج١، ص٦٨٦؛ سنن أبي داود، ج٣، ص٢٢٧؛ سنن الترمذي، ج٣، ص١٩٧؛ سنن النسائي، ج٧، ص١٥
↑[٢] . الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٥، ص٣٦٦؛ مسند خليفة بن خياط، ص٧٥؛ فهم القرآن للمحاسبي، ص٣٠٠؛ الأدب المفرد للبخاري، ص٢٤٩؛ الكافي للكليني، ج٢، ص٤٦٦؛ الفوائد الشهير بالغيلانيات لأبي بكر الشافعي، ج١، ص٦٣٢؛ دعائم الإسلام لابن حيّون، ج١، ص١٦٦؛ ترتيب الأمالي الخميسية للشجري، ج١، ص٢٩٥