كاتب السؤال: علي الراضي تاريخ السؤال: ١٤٣٧/١/٤

أنا رجل من الشيعة. ما حكم لعن قتلة أهل البيت وأعدائهم إذا أثار الخلاف مع إخوتنا من أهل السنّة والجماعة؟ قد ذُكر بعضهم في زيارة عاشوراء بصراحة. كثير من أهل السنّة والجماعة يحترمون يزيد باعتباره خليفة المسلمين. بعض علمائهم مثل محمّد الغزاليّ يعتبرون لعن يزيد وجيشه غير جائز، ويعتقدون أنّه من الممكن أن يغفر اللّه لهم!

الاجابة على السؤال: ٢ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٧/١/٥

إنّ أهل السنة والجماعة لا يرون لعن أحد من الصحابة جائزًا، ولكن لا يهمّهم لعن الآخرين، لا سيّما إذا كانوا قتلة أهل بيت النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأعداءهم، بل حُكي اتّفاقهم على أنّه يجوز لعن من قتل الحسين أو أمر بقتله أو أجازه أو رضي به من غير تسمية ليزيد[١]، وإنّما اختلفوا في جواز لعن يزيد بالتسمية، والمشهور عن أحمد بن حنبل (ت٢٤١ه‍) جواز ذلك، إذ قال لابنه: «وَكَيْفَ لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ؟!» فقال ابنه: «وَأَيْنَ لَعَنَ اللَّهُ يَزِيدَ فِي كِتَابِهِ؟» فقرأ: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ[٢][٣]، ذكره القاضي أبو يعلى (ت٤٥٨ه‍) ثمّ قال: «هَذِهِ الرِّوَايَةُ إِنْ صَحَّتْ فَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي مَعْنَى لَعْنِ يَزِيدَ»[٤]، ولذلك قال ابن الجوزي (ت٥٩٧ه‍): «أَجَازَ الْعُلَمَاءُ الْوَرِعُونَ لَعْنَهُ»[٥]، وقال ابن خلكان (ت٦٨١ه‍) في ترجمة علي بن محمد بن علي الطبريّ، الملقّب بعماد الدين، المعروف بالكيا الهراسيّ الفقيه الشافعي (ت٥٠٤ه‍) أنّه سئل عن يزيد، فقال: «فِيهِ لِأَحْمَدَ قَوْلَانِ تَلْوِيحٌ وَتَصْرِيحٌ، وَلِمَالِكٍ قَوْلَانِ تَلْوِيحٌ وَتَصْرِيحٌ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْلَانِ تَلْوِيحٌ وَتَصْرِيحٌ، وَلَنَا قَوْلٌ وَاحِدٌ التَّصْرِيحُ دُونَ التَّلْوِيحِ، وَكَيْفَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ؟! وَهُوَ اللَّاعِبُ بِالنَّرْدِ وَالْمُتَصَيِّدُ بِالْفُهُودِ وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ، وَشِعْرُهُ فِي الْخَمْرِ مَعْلُومٌ»[٦]، وقال التفتازاني (ت٧٩٣ه‍) في شرح العقائد النسفيّة: «الْحَقُّ أَنَّ رِضَا يَزِيدَ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ وَاسْتِبْشَارَهُ بِذَلِكَ وَإِهَانَتَهُ أَهْلَ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا تَوَاتَرَ مَعْنَاهُ وَإِنْ كَانَ تَفَاصِيلُهُ آحَادًا، فَنَحْنُ لَا نَتَوَقَّفُ فِي شَأْنِهِ بَلْ فِي إِيمَانِهِ، لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَنْصَارِهِ وَأَعْوَانِهِ»[٧]، وقال ابن تغري بردي (ت٨٧٤ه‍): «لَا يَشُكُّ مَنْ لَهُ ذَوْقٌ وَعَقْلٌ صَحِيحٌ أَنَّ يَزِيدَ رَضِيَ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ وَسُرَّ بِمَوْتِهِ؛ فَهُوَ مَلْعُونٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَبِكُلِّ طَرِيقٍ»[٨]، وقال السفارينيّ (ت١١٨٨ه‍): «أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْحُفَّاظِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ يُجِيزُونَ لَعْنَةَ يَزِيدَ اللَّعِينِ، كَيْفَ لَا؟! وَهُوَ الَّذِي فَعَلَ الْمُعْضِلَاتِ، وَهَتَكَ سِتْرَ الْمُخَدَّرَاتِ، وَانْتَهَكَ حُرْمَةَ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَآذَى سِبْطَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَيٌّ وَمَيِّتٌ، مَعَ مُجَاهَرَتِهِ بِشُرْبِ الْخُمُورِ وَالْفِسْقِ وَالْفُجُورِ»[٩]، ولابن الجوزيّ (ت٥٩٧ه‍) كتاب في جواز لعن يزيد سمّاه «الرّدّ على المتعصّب العنيد المانع من ذمّ يزيد» ردّ فيه على عبد المغيث الحربيّ (ت٥٨٣ه‍) فإنّه كان ينهى عن ذلك، ولابن الوزير (ت٨٤٠ه‍) أيضًا كلام مبسوط في العواصم والقواصم ردّ فيه على أبي حامد الغزالي بوجوه كثيرة، وقد أجاد أمير علي شير نوايي (ت٩٠٦ه‍) في الردّ عليه إذ قال بالفارسيّة:

اي كه گفتى بر يزيد و آل او لعنت مكن

زان كه شايد حق تعالى كرده باشد رحمتش

آنچه با آل نبي كرد او اگر بخشد خداي

هم ببخشايد مرا گر كرده باشم لعنتش

أي يا من قال: لا تلعن يزيد وآله؛ لأنّه من الممكن أن يغفر اللّه له! إن غفر اللّه له ما فعل بآل النبيّ، فسيغفر لي أيضًا إن لعنته!

↑[١] . الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي، ج٢، ص٦٣٨
↑[٢] . محمّد/ ٢٢-٢٣
↑[٣] . الرّدّ على المتعصب العنيد المانع من ذمّ يزيد لابن الجوزي، ص٤١
↑[٤] . الآداب الشرعية لابن مفلح، ج١، ص٢٧٤
↑[٥] . الرّدّ على المتعصب العنيد المانع من ذمّ يزيد لابن الجوزي، ص٣٤
↑[٦] . وفيات الأعيان لابن خلكان، ج٣، ص٢٨٧
↑[٧] . شرح العقائد النسفيّة للتفتازاني، ص١٠٣
↑[٨] . مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة لابن تغري بردي، ج١، ص٦٧
↑[٩] . غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب للسفاريني، ج١، ص١٢٣