كاتب السؤال: بهنام تاريخ السؤال: ١٤٣٦/٨/١٥

لديّ أسئلة:

١ . لو أراد اللّه أن يحرّم الزكاة على بني هاشم ألم يكن يتكلّم عن ذلك في القرآن؟ ألم يكن عدم أخذ الزكاة في صدر الإسلام من قبل هذه القبيلة علامة على زهدهم وقناعتهم؟

٢ . ما الدليل على أنّ نصف الخمس يصل فقطّ إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل من الهاشميّين؟

٣ . هل إيتاء الخمس والزكاة يشبه إقامة أحكام القرآن الجزائيّة التي تشترط عند المنصور بحكومة خليفة اللّه في الأرض؟

الاجابة على السؤال: ٠ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٦/٨/١٦

الإجابات على أسئلتك هي كما يلي:

١ . حرمة الزكاة على بني هاشم تقوم على السنّة المتواترة، وقد أجمع عليها المسلمون من جميع المذاهب؛ كما صرّح بذلك ابن قدامة[١] والنوويّ[٢] وابن حجر[٣] والبهوتي[٤] والشوكاني[٥] من أهل السنّة، والشريف المرتضى[٦] وجعفر بن الحسن المعروف بالمحقّق الحلّي[٧] وحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلامة الحلّي[٨] وزين الدين بن عليّ المعروف بالشهيد الثاني[٩] من الإماميّة، وأحمد المرتضى[١٠] من الزيديّة ومن ثمّ، لا علاقة لها بالزهد والقناعة من هذه القبيلة؛ لأنّ اللّه ورسوله هما قد حرّما الزكاة عليهم، ولم يحرّموها على أنفسهم باختيار منهم، وذلك لأنّ اللّه ورسوله كرها لهم أن يأكلوا أوساخ الناس، وهذا أحد فروع آية التطهير التي تقول: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا[١١]؛ بالنظر إلى أنّ أكل أوساخ الناس يعتبر نوعًا من «الرّجس»؛ كما أنّه أحد فروع آية المودّة التي تقول: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ۗ[١٢]؛ بالنظر إلى أنّ إيتاءهم كرائم الأموال بدلًا من أوساخها هو ممّا تقتضيه المودّة فيهم. نعم، يجوز لهم أخذ الزكاة في حالة احتياجهم وعدم كفاية الخمس، وكذلك زكاة بني هاشم، وهذا يمكن أن يكون بمعنى عموميّة آية الزكاة بالنسبة لهم؛ لأنّ أخذ الزكاة جائز لهم في الجملة، وإنّما بيّنت السنّة المتواترة حدوده، كما بيّنت حدود الصلاة والصّوم والحجّ، ولا مانع من ذلك لقول اللّه تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[١٣].

٢ . الحقّ أنّ المراد باليتامى والمساكين وابن السبيل في آية الخمس، كما قال السيّد المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى، هم اليتامى والمساكين وابن السبيل من بني هاشم؛ لأنّه أولًا قد عطفهم اللّه على ذي القربى، وهم أقرباء النبيّ على ما فهمه المسلمون، وقد يرجع ذلك إلى وجود الإشتراك بينهم في قرابة النبيّ، ويكون من باب ذكر الخاصّ بعد العامّ؛ ثانيًا قد جعل اللّه الزكاة لليتامى والمساكين وابن السبيل من غير بني هاشم ومع ذلك، لا وجه لأن يجعل لهم الخمس أيضًا، في حين أنّه قد حرّم الزكاة على اليتامى والمساكين وابن السبيل من بني هاشم ومع ذلك، من المناسب أن يجعل لهم الخمس كبديل لها كي لا يضيعوا؛ ثالثًا إنّ تخصيص نصف الخمس لليتامى والمساكين وابن السبيل من بني هاشم هو قول ثابت من أهل بيت النبيّ، وقولهم حجّة وفقًا لحديث الثقلين المتواتر؛ كما روي عن عليّ عليه السلام أنّه قال: «نَحْنُ وَاللَّهِ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ بِذِي الْقُرْبَى الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ[١٤] مِنَّا خَاصَّةً، وَلَمْ يَجْعَلْ لَنَا سَهْمًا فِي الصَّدَقَةِ، أَكْرَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَأَكْرَمَنَا أَنْ يُطْعِمَنَا أَوْسَاخَ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ»[١٥] وروي عن عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّه قال: «لِيَتَامَانَا وَمَسَاكِينِنَا وَأَبْنَاءِ سَبِيلِنَا»[١٦] وروي عن أبي جعفر أو أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّه قال: «خُمْسُ اللَّهِ لِلْإِمَامِ، وَخُمْسُ الرَّسُولِ لِلْإِمَامِ، وَخُمْسُ ذَوِي الْقُرْبَى لِقَرَابَةِ الرَّسُولِ الْإِمَامِ، وَالْيَتَامَى يَتَامَى آلِ الرَّسُولِ، وَالْمَسَاكِينُ مِنْهُمْ، وَأَبْنَاءُ السَّبِيلِ مِنْهُمْ، فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ»[١٧] وروي عن موسى بن جعفر عليهما السلام أنّه قال: «يُقْسَمُ بَيْنَهُمُ الْخُمُسُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لِلَّهِ وَسَهْمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ وَسَهْمٌ لِذِي الْقُرْبَى وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَهْمٌ لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ، فَسَهْمُ اللَّهِ وَسَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ لِأُولِي الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وِرَاثَةً، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ: سَهْمَانِ وِرَاثَةً، وَسَهْمٌ مَقْسُومٌ لَهُ مِنَ اللَّهِ، وَلَهُ نِصْفُ الْخُمُسِ كَمَلًا، وَنِصْفُ الْخُمُسِ الْبَاقِي بَيْنَ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَسَهْمٌ لِيَتَامَاهُمْ وَسَهْمٌ لِمَسَاكِينِهِمْ وَسَهْمٌ لِأَبْنَاءِ سَبِيلِهِمْ، يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَسْتَغْنُونَ بِهِ فِي سَنَتِهِمْ ... وَإِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ هَذَا الْخُمُسَ خَاصَّةً لَهُمْ دُونَ مَسَاكِينِ النَّاسِ وَأَبْنَاءِ سَبِيلِهِمْ عِوَضًا لَهُمْ مِنْ صَدَقَاتِ النَّاسِ تَنْزِيهًا مِنَ اللَّهِ لَهُمْ لِقَرَابَتِهِمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَكَرَامَةً مِنَ اللَّهِ لَهُمْ عَنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ، فَجَعَلَ لَهُمْ خَاصَّةً مِنْ عِنْدِهِ مَا يُغْنِيهِمْ بِهِ عَنْ أَنْ يُصَيِّرَهُمْ فِي مَوْضِعِ الذُّلِّ وَالْمَسْكَنَةِ، وَلَا بَأْسَ بِصَدَقَاتِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُمُ الْخُمُسَ هُمْ قَرَابَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فَقَالَ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ[١٨] وَهُمْ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْفُسُهُمُ الذَّكَرُ مِنْهُمْ وَالْأُنْثَى، لَيْسَ فِيهِمْ مِنْ أَهْلِ بُيُوتَاتِ قُرَيْشٍ وَلَا مِنَ الْعَرَبِ أَحَدٌ، وَلَا فِيهِمْ وَلَا مِنْهُمْ فِي هَذَا الْخُمُسِ مِنْ مَوَالِيهِمْ، وَقَدْ تَحِلُّ صَدَقَاتُ النَّاسِ لِمَوَالِيهِمْ وَهُمْ وَالنَّاسُ سَوَاءٌ»[١٩].

٣ . لا يشترط إيتاء الخمس والزكاة بحكومة خليفة اللّه في الأرض؛ لأنّه ليس من عقوبات الإسلام، ولكنّه من فرائض الإسلام مثل الصلاة والصوم والحجّ، وبما أنّه مبنيّ على القرآن الكريم والسنّة المتواترة، فلا يعتبر اتباعًا للظنّ. نعم، إنّ إيتاء نصف الخمس الذي يعتبر سهم خليفة اللّه من بني هاشم، ليس عمليًّا في وقت غيبته، ولذلك قد عُفي تركه عن عصابة مثل أنصار المنصور الذين ليسوا مقصّرين في غيبته، وقد رويت في ذلك روايات متواترة عن أهل البيت؛ كما روي عن عليّ عليه السلام أنّه قال: «هَلَكَ النَّاسُ فِي بُطُونِهِمْ وَفُرُوجِهِمْ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤَدُّوا إِلَيْنَا حَقَّنَا، أَلَا وَإِنَّ شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ وَآبَاءَهُمْ فِي حِلٍّ»[٢٠] وروي عن أبي جعفر أو أبي عبد اللّه عليهما السلام أنّه قال: «إِنَّ أَشَدَّ مَا فِيهِ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَقُومَ صَاحِبُ الْخُمُسِ فَيَقُولَ: يَا رَبِّ خُمُسِي! وَقَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لِشِيعَتِنَا لِتَطِيبَ وِلَادَتُهُمْ وَلِيَزْكُوَ أَوْلَادُهُمْ»[٢١] وروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «النَّاسُ كُلُّهُمْ يَعِيشُونَ فِي فَضْلِ مَظْلِمَتِنَا، إِلَّا أَنَّا أَحْلَلْنَا شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ»[٢٢]، ولا شكّ أنّ المراد بشيعتهم من كان من الممهّدين لحكومتهم، وعليه فإنّ من لم يكن من الممهّدين لحكومتهم فإنّه آثم في ترك إيتاء سهمهم من الخمس وإن كانوا غائبين.

نعم، يدفع أنصار المنصور سهم المهديّ من الخمس إلى المنصور لينفقه في سبيل التمهيد لظهور المهديّ؛ لأنّهم لو دفعوه في هذا الوقت إلى المهديّ لكان قد أنفقه في سبيل التمهيد لظهوره دون أدنى شكّ، ولذلك فإنّ دفعه إلى المنصور في هذا الوقت هو بمنزلة دفعه إلى المهديّ، وهذا طريق قد فتحه اللّه تعالى لعباده الصالحين ليتقرّبوا منه إليه؛ لأنّه ﴿يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ[٢٣].

↑[١] . المغني لابن قدامة، ج٢، ص٥١٩
↑[٢] . المجموع شرح المهذب للنووي، ج٦، ص٢٢٧
↑[٣] . فتح الباري لابن حجر، ج٣، ص٢٨٠
↑[٤] . كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي، ج٢، ص٣٣٥
↑[٥] . نيل الأوطار للشوكاني، ج٤، ص٢٤١
↑[٦] . الإنتصار للشريف المرتضى، ص٢٢٢
↑[٧] . المعتبر للمحقق الحلي، ج٢، ص٥٨٣
↑[٨] . تحرير الأحكام لابن المطهّر الحلّي، ج١، ص٤١١؛ منتهى المطلب لابن المطهّر الحلّي، ج٨، ص٣٧١؛ نهاية الإحكام في معرفة الأحكام لابن المطهّر الحلّي، ج٢، ص٣٩٧
↑[٩] . مسالك الأفهام للشهيد الثاني، ج٥، ص٤١٠
↑[١٠] . شرح الأزهار لأحمد المرتضى، ج١، ص٥٢١
↑[١١] . الأحزاب/ ٣٣
↑[١٢] . الشّورى/ ٢٣
↑[١٣] . النّحل/ ٤٤
↑[١٤] . الحشر/ ٧
↑[١٥] . الكافي للكليني، ج١، ص٥٣٩؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص١٢٦
↑[١٦] . تفسير العيّاشي، ج٢، ص٦٣
↑[١٧] . تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص١٢٥
↑[١٨] . الشّعراء/ ٢١٤
↑[١٩] . الكافي للكليني، ج١، ص٥٤٠؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص١٢٨
↑[٢٠] . علل الشرائع لابن بابويه، ج٢، ص٣٧٧؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص١٣٧
↑[٢١] . الكافي للكليني، ج١، ص٥٤٧؛ من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج٢، ص٤٣؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص١٣٦
↑[٢٢] . من لا يحضره الفقيه لابن بابويه، ج٢، ص٤٥؛ تهذيب الأحكام للطوسي، ج٤، ص١٣٨
↑[٢٣] . الشّورى/ ١٣