أزمة الاختلاف في العالم الإسلامي؛ العوامل والحلول؛ سرد لكتاب العودة إلى الإسلام

﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ[١]

إنّ تاريخ الإسلام دليل على هذه الحقيقة التي لا يمكن إنكارها بأنّ بعد وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وفقده الذي كان في الواقع أكبر كارثة للمسلمين، تحيّرت الأمة الإسلامية وفقدت طريقها إلى تحقيق هدف الإسلام وتشكيل المدينة الفاضلة بسبب وقوعها في الفتن الكبيرة والشبهات المضللة. لهذا السبب، خسرت عزّتها وقوّتها في زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالتدريج وأصيبت بالذلّة والمسكنة مع مرور الأيّام والعصور. الأراضي الإسلاميّة الواسعة التي كانت قد اتّحدت تحت راية واحدة مع شعار التوحيد، تفكّكت وردّدت بنداء الإستقلال مع شعارات غبيّة لا أساس لها بالإستفزاز والتآمر من القوى المستكبرة. كلّ هذا كان بسبب أنّ المسلمين أحرقوا رأس مالهم الأكثر قيمة بأيديهم وحوّلوا وحدتهم إلى تمزق وتنازع. من الطبيعي أن نتيجة هذا الخطأ الكبير لم تكن سوى الإطاحة بإنجازات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ إلى الحد الذي نرى فيه اليوم أن الانقسامات بين المسلمين والعداء فيما بينهم قد أعميا عين إنصافهم وجعلا قلوبهم خالية من المودة لبعضهم البعض وجعلاهم أجانب مع بعضهم البعض رغم كونهم من أمّة واحدة! يُسمع كلّ يوم من ركن من أركان العالم الإسلامي صرخة تكفير ولعن المسلمين ضدّ بعضهم البعض؛ تعتبر مجموعة منهم الجهاد مع مجموعة أخرى واجبًا وتفتي مجموعة منهم بقتل إخوانهم في الدين وسفك دماءهم وتحسبه مأجورًا ومستوجبًا للثواب! قد آل الأمر إلى أنّ الشقاق والإختلاف بين المسلمين قد زيّن لهم وسمّي الإستقلال والإستغناء عن الأجانب ويعتبر التقرّب إلى الكفّار والتحالف معهم مفيدًا ومؤدّيًا إلى التطوّر.

ليس هناك شكّ في أنّ إهمالًا كبيرًا وخطيرًا قد عمّ مسلمي العالم؛ لأنّ معظمهم بتهوّر يزيدون من خلافاتهم ويوفرون أسبابًا جديدة للصراع، في حين أنهم لن يتقدّموا إلى طاعة أمر اللّه المؤكّد للحفاظ على اندماج المسلمين وتحقيق وحدة الأمة الإسلامية. إنّ الحقيقة التي أنهم غير مدركين لها هي أنّ فأس الشقاق والإختلاف يقلع الأصل المشترك لشجرة الأمّة الإسلاميّة الطيّبة ويهدّد سلامتها وحياتها أكثر من أي شيء آخر؛ الفأس الذي ينبغي أن يضرب به أصل أعداء الإسلام ومبغضيه.

في مثل هذه الفترة، نحن نتفاءل بالكتاب العميق والمؤثر «العودة إلى الإسلام» الذي هو المنادي بالوحدة والتفاهم بين مسلمي العالم والمذكّر بالأصول والمبادئ المشتركة بينهم وقد تمّ تأليفه مع الإلتفات الجدير بالإعجاب إلى القواسم المشتركة والمتّفق عليها بين المسلمين وبأسلوب موحّد وغير موتّر ونأمل أن يكون برسالته المستنيرة مصدر الخير والبركات لجميع المسلمين في العالم.

↑[١] . الأنفال/ ٤٦