كاتب السؤال: مجتبى حسن دوست تاريخ السؤال: ١٤٣٦/٣/٢٦

ما هو رأي المنصور الهاشميّ الخراسانيّ في الإمام الخمينيّ؟

الاجابة على السؤال: ٠ تاريخ الاجابة على السؤال: ١٤٣٦/٣/٢٦

السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى يحترم جميع علماء المسلمين ويقدر خدماتهم العلميّة، لكنّه لا يعتبر أيًّا منهم كاملًا وخاليًا من العيب، ويعتقد أنّهم، إلى جانب خدماتهم، ارتكبوا بعض الأخطاء التي يجب الإنتباه لها إلى جانب خدماتهم، ولا يعتبر ذلك إهانة لهم، على عكس تصوّر محبّيهم المتعصّبين. بناء على هذا، فإنّ التنبيه على أخطائهم في كتاب «العودة إلى الإسلام» لا يعني تجاهل خدماتهم، ولكن يعني التنبيه على شيء أغفله الكثير من المسلمين وجعلهم ينحرفون عن خطّ الإسلام الخالص والكامل. على سبيل المثال، كان أحد هذه الأخطاء، الترويج لثقافة التقليد بدلًا من ثقافة الإجتهاد، ممّا أدّى إلى انخفاض في الوعي الدّينيّ لدى المسلمين وزيادة في جهلهم ودنيويّتهم ​​وتعصّبهم وخرافاتهم، ولو أنّ ثقافة الإجتهاد أيضًا لم يتمّ تعريفها بشكل صحيح من قبلهم وكانت شكلًا محسّنًا من ثقافة التقليد. وكان آخر هذه الأخطاء الإصرار على ولاية الفقيه المطلقة التي لا أساس لها في الإسلام وهي مستحيلة عقلًا وشرعًا؛ بالنظر إلى أنّ العقل والشرع لا يسمح بالطاعة المطلقة من كلّ قيد وشرط لغير المعصوم، حتّى لو كان عالمًا عظيمًا، ولا يدعو بأيّ شكل من الأشكال إلى حكومته، ولكن يدعو فقطّ إلى حكومة من أذهب اللّه عنه الرّجس وطهّره تطهيرًا وجعل حكومته ممكنة في كلّ زمان.

ممّا لا شكّ فيه أنّ عدم إمكان حكومة مثل هذا الشخص، الذي يعتبر أساس شرعيّة الحكومات الأخرى، هو مجرّد وهم؛ لأنّ عدم إمكان حكومته ينبع فقطّ من تقصير المسلمين في التمهيد لها، وإذا زال تقصيرهم، زال عدم إمكانها بسهولة. بالطبع، ليس من الممكن إزالة هذا التقصير من خلال الحكومات الأخرى؛ لأنّها تستلزم الدّور والتناقض؛ بالنظر إلى أنّ الحكومات الأخرى هي نفسها نتيجة لهذا التقصير وبالتالي، لا يمكن أن تكون سببًا لإزالته. علاوة على ذلك، فإنّ حكومة المهديّ لا تختلف عن الحكومات الأخرى من حيث أنّها حكومة وبالتالي، إذا كان من الممكن إنشاء وصيانة الحكومات الأخرى، فمن الممكن إنشاء وصيانة حكومة المهديّ، وإذا كان من الممكن إنشاء وصيانة حكومة المهديّ، فلا داعي إلى إنشاء وصيانة الحكومات الأخرى. هذا يعني «انسداد باب الشرعيّة» على الحكومات الأخرى، والطريقة الوحيدة لدخولها من هذا الباب هي الإنسحاب التدريجيّ من السلطة لصالح المهديّ وبداية عمليّة نقل السلطة إليه، الأمر الذي يمكن بالتأكيد أن يُفسح المجال لظهوره وحكومته؛ لأنّه وفقًا لطهارته من كلّ رجس ورغبته في إقامة الإسلام الخالص والكامل، يترصّد الظهور والحكومة، وإذا تمّ توفير الظروف اللازمة لذلك من خلال الإستعداد الحقيقيّ لأحد الحكّام المسلمين للإنسحاب من السلطة وتركها له، سيقوم بذلك دون أدنى شكّ، لكنّ الحقيقة هي أنّه لم يكن أحد من الحكّام المسلمين مستعدًّا لذلك ولم يبدوا أيّ ميل لترك القوّة الحلوة، بل حافظوا على حكومتهم باستخدام كلّ مواردهم السياسيّة والثقافيّة والإقتصاديّة ولم يتحمّلوا أيّ طمع فيها من أيّ شخص حتّى لو كان هو المهديّ. من الواضح أن حكومتهم، ما داموا يلتزقون بها إلى هذا الحدّ ولا يخطّطون لنقلها إلى المهديّ، ستمنع ظهوره، في حين أنّهم إذا رغبوا عنها وقدّموها إليه بشكل واقعيّ وجدّيّ كما فعل الأنصار لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، لا كرياء وخدعة كما فعل المأمون العبّاسيّ مع عليّ بن موسى الرضا، سيقبلها منهم وسيقوم بالحكم عليهم كما فعل عليّ بن أبي طالب بعد مقتل عثمان، ومن خلال ذلك سيملأ الأرض عدلًا وقسطًا كما ملئت ظلمًا وجورًا.

بناءً على هذا، فإنّ الإنسحاب التدريجيّ من السلطة لصالح المهديّ وبداية عمليّة نقل السلطة إليه، يمكن أن يكون ممهّدًا لظهوره وحكومته، وهذا إجراء يمكن اتّخاذه في أيّ بلد إسلامي؛ لأنّ أيّ بلد إسلاميّ يمكن أن يصبح إذا فعل ذلك مضيفًا للمهديّ ومركزًا لحكومته، ولكن بالطبع أيّ بلد إسلاميّ سبق إلى هذا الأمر سيعتبر سابقًا بالخير وسيحرز الفضل والشرف في ذلك وسيحصل على العديد من الإمتيازات الدنيويّة والأخرويّة بعد استقرار حكومة المهديّ.

على أيّ حال، فإنّ انسحاب الحكّام المسلمين من السلطة ونقل الحكومة إلى المهديّ شيء لا بدّ منه ويجب أن يتمّ عاجلًا أم آجلًا. لذلك، ينصحهم المنصور الهاشمي الخراسانيّ بالمبادرة إلى ذلك في أقرب وقت ممكن بشكل سلميّ وتحت إشرافه وإرشاده كمراقب خبير ومحايد؛ لأنّهم أحد طرفي النزاع مع المهديّ ومن هذه الناحية، يعتبرون مستفيدين وغير موثوق بهم، ولا يمكن القعود والإنتظار لألف عام آخر على أمل عملهم المستقلّ والطوعيّ، في حين أنّ المنصور الهاشمي الخراساني ليست لديه حكومة ولا يريدها ولا يقبلها وبالتالي، يمكنه كوسيط ومنسّق أن يقوم بدور محفّز وفعّال في نقل السلطة إلى المهديّ. لذلك، يجب على الحكّام المسلمين، إن أرادوا حقًا حكومة المهديّ، أن يتخلّوا عن تكبّرهم وعجرفتهم، وأن يستخدموا، دون خوف أو قلق، توجيهات هذا العالم في هذا الصدد كمستشار وخبير ومرشد إلى ظهور المهديّ، وأن يسلكوا هذا الطريق الوعر والمتعرّج المؤدّي إلى سعادة الدنيا والآخرة متوكّلين على اللّه تعالى. هذا منظور يمكن تصويره للحكومات الإسلاميّة فيما يتعلّق بالمهديّ، ويبدو أنّ أيّ منظور آخر غير هذا هو مجرّد حلم وخيال.

من المؤمّل أن تصبح رؤية المسلمين للمهديّ وظهوره وحكومته رؤية منفتحة وواقعيّة بفضل نهضة المنصور الهاشمي الخراساني؛ لأنّه يحاول تصحيح رؤيتهم للمهديّ وإخراج ظهوره وحكومته من ظلام الوهم إلى ضوء الواقعيّة والعينيّة، وهذا هو التمهيد العمليّ لظهور المهديّ وحكومته الذي يتمّ من قبل المنصور الهاشمي الخراساني فقطّ ولا يوجد ذكر لذلك في أيّ مكان سوى محضره.

وفّق اللّه جميع المسلمين لفهم هذه التعاليم العميقة والإنضمام إلى الممهّدين الحقيقيّين لظهور المهديّ ويحفظهم من كيد الشياطين الذين يسعون بكلّ ما لديهم من الوسائل لمنعهم من القيام بهذا العمل الواجب والحيويّ.