وفقًا لأبحاثنا، فإنّ «المنصور الهاشمي الخراساني» هو اسم مستعار.
على الرغم من أنّنا لا نعرف هويّتك، ونرى من المحتمل جدًّا أن تستخدم بنفسك اسمًا مستعارًا، ولا نعرف أنّ أبحاثك المزعومة قد تمّت بأيّ دافع وبالإعتماد على أيّ اختصاص وأيّ مصادر إخباريّة، لكنّنا نقترح عليك أن لا تثق كثيرًا باكتشافاتك هذه، وأن تجعل من المحتمل دائمًا وجود خطأ فيها، حتّى لا تجد نفسك في تركستان بدلًا من مكّة؛ كما جاء في المثل الفارسيّ: «ترسم نرسي به كعبه اي اعرابي/ كين ره كه تو ميروي به تركستان است»، أي أخاف أن لا تصل إلى الكعبة يا أعرابيّ؛ لأنّ هذا الطريق الذي تسلكه يؤدّي إلى تركستان!
مع ذلك، ليس من المستحيل أن يكون تخمينك صحيحًا؛ لأنّه أولًا استخدام الإسم المستعار شائع بين الأحرار الذين يجاهدون الطواغيت والجبابرة ولديهم القليل من الأنصار والكثير من الأعداء، ولا يعتبر ذلك أمرًا غير عاديّ وغير متوقّع؛ ثانيًا هناك كثير من الناس في العالم لهم اسمان يشتهرون بأحدهما ولا يشتهرون بالآخر، بل روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال: «لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ»[١]، وقال أحمد بن حنبل (ت٢٤١هـ): «سَمِعْنَا أَنَّ سِتَّةً مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لَهُمْ فِي الْقُرْآنِ اسْمَانِ: مُحَمَّدٌ: أَحْمَدُ، وَإِبْرَاهِيمُ: إِبْرَاهَامُ، وَيَعْقُوبُ: إِسْرَائِيلُ، وَيُونُسُ: ذُو النُّونِ، وَإِلْيَاسُ: إِلْيَاسِينُ، وَعِيسَى: الْمَسِيحُ»[٢]، وقال ابن قتيبة (ت٢٧٦هـ): «الرَّجُلُ قَدْ يَكُونُ لَهُ اسْمَانِ، وَيَكُونُ لَهُ الْكُنْيَتَانِ، وَيَكُونُ لَهُ الْإِسْمُ وَالْوَصْفُ، فَيُدْعَى بِالْوَصْفِ إِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ، وَيُتْرَكُ الْإِسْمُ. هَذَا إِدْرِيسُ اسْمُهُ فِي التَّوْرَاةِ خَنُوخُ، وَيَعْقُوبُ اسْمُهُ إِسْرَائِيلُ، وَعِيسَى يُدْعَى الْمَسِيحَ»[٣]، وروي عن أبي جبيرة بن الضحّاك أنّه قال: «قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ مِنَّا رَجُلٌ إِلَّا لَهُ اسْمَانِ»[٤]، وقال الطبريّ (ت٣١٠هـ): «إِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ أَهْلَ الْأَنْسَابِ إِنَّمَا يَنْسِبُونَ إِبْرَاهِيمَ إِلَى<تَارِحَ>، فَكَيْفَ يَكُونُ<آزَرُ> اسْمًا لَهُ، وَالْمَعْرُوفُ بِهِ مِنَ الْإِسْمِ <تَارِحُ>؟ قِيلَ لَهُ: غَيْرُ مُحَالٍ أَنْ يَكُونَ لَهُ اسْمَانِ، كَمَا لِكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فِي دَهْرِنَا هَذَا، وَكَانَ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى لِكَثِيرٍ مِنْهُمْ»[٥]، بل روي عن عليّ عليه السلام في وصف المهديّ أيضًا: «لَهُ اسْمَانِ: اسْمٌ يَخْفَى وَاسْمٌ يَعْلِنُ، فَأَمَّا الَّذِي يَخْفَى فَأَحْمَدُ، وَأَمَّا الَّذِي يَعْلِنُ فَمُحَمَّدٌ»[٦]؛ ثالثًا إنّ اتّخاذ الألقاب الحسنة أمر شائع بين أئمّة المسلمين وعلمائهم، بحيث أنّه يعتبر سنّة إسلاميّة، وقد يتمّ أحيانًا من قبل أصحابهم ومحبّيهم بالنظر إلى خصالهم وصفاتهم الحسنة، وقد ينال شهرة أكثر من أسمائهم؛ كما كان لقب «المصطفى» للرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من هذا القبيل، ولقب «أحمد» الذي بُشّر به في الإنجيل من هذا القبيل، ولقب «الصدّيق» لأبي بكر، ولقب «الفاروق» لعمر، ولقب «ذي النّورين» لعثمان، ولقب «المرتضى» لعليّ من هذا القبيل، وكان لعليّ لقب آخر يقال أنّ أمّه سمّته به ولم يكن مشهورًا به؛ كما قال مشيرًا إليه: «أنا الذي سمّتني أمّي حَيدرة/ ضرغام آجام وليث قسورة»، وهكذا سائر الأئمّة من أهل البيت، فإنّهم تلقّبوا بألقاب مختلفة مثل «الباقر» و«الصادق» و«الكاظم» و«الرضا»، وقد يُعرفون بها أكثر ممّا يُعرفون بأسمائهم، بل المهديّ الذي يدعو إليه المنصور أيضًا له اسم آخر، و«المهديّ» هو لقبه وشهرته؛ بالإضافة إلى أنّ اللّه تعالى قد غيّر أسماء بعض أوليائه بعد أن اختارهم؛ كما جاء في التوراة أنّه قال لإبراهيم عليه السلام وكان اسمه أبرام: «فَلَا يُدْعَى اسْمُكَ بَعْدُ أَبْرَامَ، بَلْ يَكُونُ اسْمُكَ إِبْرَاهِيمَ، لِأَنِّي أَجْعَلُكَ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الْأُمَمِ»[٧]، وقال له: «سَارَايُ امْرَأَتُكَ لَا تَدْعُو اسْمَهَا سَارَايَ، بَلِ اسْمُهَا سَارَةُ»[٨]، وقال ليعقوب عليه السلام: «اسْمُكَ يَعْقُوبُ، لَا يُدْعَى اسْمُكَ فِيمَا بَعْدُ يَعْقُوبَ، بَلْ يَكُونُ اسْمُكَ إِسْرَائِيلَ، فَسَمَّاهُ إِسْرَائِيلَ»[٩]؛ بل أخبر عن ذلك كسنّة له وقال لأعدائه: «يُمِيتُكُمُ الرَّبُّ الْإِلَهُ وَيُعْطِي خُدَّامَهُ اسْمًا آخَرَ»[١٠]. بالنظر إلى هذه الشواهد، ليس من الغريب أن يكون تخمينك صحيحًا؛ بمعنى أنّه من الممكن أن يكون «المنصور» لقبًا وشهرة لمؤلّف كتاب «العودة إلى الإسلام» والممهّد لظهور المهديّ، ولكن من الواضح أنّ هذا ليس شيئًا مهمًّا شغّل فكرك وفكر أمثالك الذين يعانون من قصر النظر، وأصبح ذريعة واهية لدعايتهم ضدّ هذا العالم الجليل والمظلوم. لا شكّ أنّ المهمّ عند الحكماء هو أفكاره وتعاليمه الإسلاميّة والإصلاحيّة فقطّ، وليس اسمه ولقبه وشهرته عنصرًا محدّدًا؛ لأنّ هذه الأفكار والتعاليم لا تعتمد على اسمه ولقبه وشهرته حتّى تتغيّر بتغييرها، بل على كتاب اللّه وسنّة نبيّه المتواترة وأحكام العقل القطعيّة، التي تكون ثابتة في كلّ حال ويمكن اتّباعها. بناءً على هذا، يمكنك أن تتصوّر أنّ اسم المنصور الهاشمي الخراساني هو محمّد، أو عليّ، أو عمر، أو سعيد، أو هاشم، أو جعفر، أو قاسم، أو قنبر، أو محمّد عليّ، أو محمّد جعفر، أو عبد اللّه، أو شيء آخر من هذا القبيل؛ لأنّه مهما كان له من اسم، فهو مؤلّف كتاب «العودة إلى الإسلام» وقائد النهضة المباركة التي قد ظهرت، على رغم أنوف المنافقين والذين في قلوبهم مرض، من أجل إقامة الاسلام الخالص والكامل في العالم، وتحقيق حكومة المهديّ، وسيواصل حركته على الرغم من كلّ العداوات والإثارات للأجواء، حتّى يصل إلى مَثَله الأعلى المقدّس، إن شاء اللّه تعالى، ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾[١١].