الخميس ١٧ رمضان ١٤٤٥ هـ الموافق لـ ٢٨ مارس/ آذار ٢٠٢٤ م

المنصور الهاشمي الخراساني

 جديد الأسئلة والأجوبة: اختلف المسلمون في تعيين ليلة القدر، فأيّ ليلة هي عند السيّد المنصور حفظه اللّه تعالى؟ اضغط هنا لقراءة الجواب. جديد الدروس: دروس من جنابه في حقوق العالم الذي جعله اللّه في الأرض خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره؛ ما صحّ عن النّبيّ في ذلك؛ الحديث ٢١. اضغط هنا لقراءته. جديد الشبهات والردود: إنّي قرأت كتاب «العودة إلى الإسلام» للمنصور الهاشمي الخراساني، فوجدته أقرب إلى الحقّ بالنسبة لما يذهب إليه الشيعة، ولكنّ المنصور أيضًا مشرك وكافر مثلهم؛ لأنّه قد فسّر آيات القرآن برأيه؛ لأنّك إذا قرأت ما قبل كثير من الآيات التي استدلّ بها على رأيه أو ما بعدها علمت أنّها لا علاقة لها بموضوع البحث؛ منها آية التطهير، فإنّ اللّه قد خاطب فيها نساء النبيّ، ولكنّ المنصور جعلها مقصورة على عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وأثبت بها إمامتهم من عند اللّه! اضغط هنا لقراءة الرّدّ. جديد الكتب: تمّ نشر الطبعة الخامسة من الكتاب القيّم «الكلم الطّيّب؛ مجموعة رسائل السّيّد العلامة المنصور الهاشميّ الخراسانيّ حفظه اللّه تعالى». اضغط هنا لتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة. جديد الرسائل: جزء من رسالة جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من الجليس السوء. اضغط هنا لقراءتها. جديد المقالات والملاحظات: تمّ نشر مقالة جديدة بعنوان «عمليّة طوفان الأقصى؛ ملحمة فاخرة كما يقال أم إقدام غير معقول؟!» بقلم «حسن ميرزايي». اضغط هنا لقراءتها. جديد الأقوال: قولان من جنابه في بيان وجوب العقيقة عن المولود. اضغط هنا لقراءتهما. جديد السمعيّات والبصريّات: تمّ نشر فيلم جديد بعنوان «الموقع الإعلامي لمكتب المنصور الهاشمي الخراساني (٢)». اضغط هنا لمشاهدته وتحميله. لقراءة أهمّ محتويات الموقع، قم بزيارة الصفحة الرئيسيّة.
loading
موانع العودة إلى الإسلام؛ رواج النّزعة الحديثيّة

سبب آخر لعدم إقامة الإسلام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ما راج بعده من النّزعة الحديثيّة. المراد بالنّزعة الحديثيّة هو بناء العقائد والأعمال على أقوال وأفعال منسوبة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بشكل غير متواتر بواسطة رجال يحتمل كذبهم أو خطأهم أو نسيانهم، وبالتّالي فإنّ صحّتها غير قطعيّة؛ لأنّه من المحسوس أنّ خبر واحد غير معصوم، حتّى إذا كان ظاهره الصّدق، يمكن أن يكون صحيحًا ويمكن أن يكون غير صحيح... بهذا يتّضح أنّ أخبار الآحاد لا توجب اليقين، بل هي في أحسن حالة ممكنة توجب الظنّ، وهذا أمر متّفق عليه بين أهل النّظر من المسلمين، بل العقلاء كافّة. في حين أنّ الظنّ لا يصلح لأن يكون أساس عقيدة المسلمين وعملهم، والإسلام مبنيّ على اليقين فقطّ؛ كما قال اللّه مرارًا وصراحة: ﴿إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا. [العودة إلى الإسلام، ص١٥٢-١٥٤]

موانع العودة إلى الإسلام؛ رواج النّزعة الحديثيّة

كذلك اتّخذ المسلمون من بعده [يعني بعد النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم] أحد المنهجين: اتّباع كتاب اللّه وأهل بيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، واتّباع كتاب اللّه وحده، فكان هذان المنهجان هما المنهجين الوحيدين بينهم، ولم يكن بينهم منهج ثالث. إنّما ظهر المنهج الثالث في العقود التالية بعد غلبة المنهج الثاني على المنهج الأوّل، بدافع ملء فراغ أهل بيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بين المسلمين، وكان ذلك اتّباع كتاب اللّه وحديث النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، في حين أنّ المسلمين الأوائل لم يكن لديهم مثل هذا المنهج، ولم يكونوا يوافقون على وضع حديث النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بجانب كتاب اللّه، بل كانوا يعارضون ذلك ويكافحونه بقوّة؛ لأنّ ما سمّي الحديث كان مجرّد روايات ظنّيّة وخالية من القرائن اللازمة لفهم كامل وصحيح لم تكن صالحة لأن توضع بجانب كتاب اللّه وتسدّ فراغ أهل بيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وكان يُخشى إن انتشر أن يفسح المجال فقطّ لظهور الإختلاف بين الأمّة في العقائد والأعمال الإسلاميّة وافتراقهم عن كتاب اللّه. لذلك، فإنّهم كانوا يمنعون بجدّيّة من كتابة الحديث وروايته، وحتّى يقومون بجمع الكتب والأجزاء الحديثيّة وطمسها. [العودة إلى الإسلام، ص١٥٦]

موانع العودة إلى الإسلام؛ رواج النّزعة الحديثيّة

على الرّغم من أنّهم [يعني الصحابة] كانوا يختلفون في ضرورة الرّجوع إلى أهل بيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كمرجع حيّ ويقينيّ لمعرفة الإسلام، إلّا أنّهم لم يكونوا يختلفون في عدم ضرورة الرّجوع إلى أخبار الآحاد، وكانوا بأجمعهم مخالفين لتدوينها وترويجها كأساس دينيّ. في غضون ذلك، لم يكن يهتمّ برواية الحديث إلّا عناصر شابّة ذات رتب دنيا منهم كأبي هريرة، ولهذا السّبب امتلأت كتب الحديث برواياتهم، وإلّا فإنّ كبراء مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وطلحة والزّبير وسلمان وأبي ذرّ وعمّار وغيرهم، قلّما كانوا يروون حديثًا، وكانوا أيضًا يمنعون أمثال أبي هريرة من كثرة الرّواية، ولهذا السّبب توجد روايات قليلة منهم في كتب الحديث. طبعًا لم يكن نهجهم هذا بسبب كراهيتهم للأقوال والأفعال التي سمعوها ورأوها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ولكنّه كان فقطّ بسبب أنّهم علموا أنّ أساس الإسلام هو اليقين، واليقين لا يتحصّل من خلال خبر الواحد، ولذلك فإنّ الإهتمام به غير صالح، بل قد يكون ضارًّا؛ لأنّه يمنع الإهتمام باليقينيّات، وبالتّالي يسبّب اختلاف المسلمين في آرائهم وأعمالهم في المستقبل؛ كما وقع ذلك. [العودة إلى الإسلام، ص١٥٧-١٦٠]

موانع العودة إلى الإسلام؛ رواج النّزعة الحديثيّة

إنّ النّزعة الحديثيّة، على عكس ما يُعتقد، كانت بدعة خارقة لإجماع الصّحابة ظهرت مثل العديد من البدع الأخرى خلال فترة حكم الأمويّين، ولم يكن لها أصل في الإسلام؛ لأنّ الإسلام قد كلّف أهله بالإعتقاد والعمل اليقينيّين، وجعل الأسباب اللازمة لإمكانهما وعرّفها، وهي كتاب اللّه الذي لا يزال متاحًا للمسلمين ولا يرد عليه إشكال مع مرور الوقت؛ كما قال اللّه فيه: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ، والسّبب الآخر هو أهل بيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم الذين لا يزال رجل منهم موجودًا بين المسلمين ومتاحًا لهم مثل القرآن، ويجعل لهم ممكنًا أن يهتدوا إلى الإسلام؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ. لذلك، فإنّ المبدأ الذي صمّمه وأنشأه الإسلام لعقائد المسلمين وأعمالهم، هو اتّباع كتاب اللّه كحبل من اللّه، واتّباع عترة النّبيّ كحبل من النّاس، وهما يؤدّيان إلى اليقين؛ كما قال اللّه تعالى: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ. [العودة إلى الإسلام، ص١٦١ و١٦٢]

موانع العودة إلى الإسلام؛ رواج النّزعة الحديثيّة

إنّ الحديث لم يزل بديلًا عن عترة النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ليتدارك عدم رجوع المسلمين إليهم؛ لأنّه سرعان ما تبيّن للمسلمين عدم صحّة رأي فريق من الصّحابة اعتبروا كتاب اللّه كافيًا من بعده، ولكنّ صحّة رأي فريق آخر منهم اعتبروا أهل بيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ضروريًّا بجانب كتاب اللّه لم تتبيّن لهم حتّى الآن؛ لأنّ موانع المعرفة، وخاصّة دعاية الحكّام الظالمين وتقليد السّلف، لم تسمح بأن تتبيّن لهم. لذلك، فإنّهم أحدثوا رأيًا ثالثًا وأقبلوا على الحديث لتلبية احتياجاتهم بالإعتماد عليه إلى جانب كتاب اللّه، في حين أنّ الحديث، بصفته خبرًا غير يقينيّ، لا يجانس كتاب اللّه ولا يستأهل أن يوضع بجانبه؛ لأنّ كتاب اللّه يقينيّ، وغير اليقينيّ ليس كفوًا لليقينيّ. [العودة إلى الإسلام، ص١٦٢]

رسالة من جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من حبّ الدّنيا.

خُذْ عِنَانَكَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَسَلِّمْهُ إِلَى خَلِيفَةِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَقُودُكَ إِلَى النَّارِ، وَخَلِيفَةَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يَدْعُوكَ إِلَى الْجَنَّةِ... إِنَّ الَّذِينَ يَعْصُونَ اللَّهَ لَيْسُوا بِأَنْصَارِ الْمَهْدِيِّ؛ إِنَّما أَنْصَارُهُ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَصَغَائِرَهُ؛ يَقُومُونَ اللَّيْلَ بِالصَّلَاةِ، وَيَقْضُونَ النَّهَارَ بِطَلَبِ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمِهِ الْآخَرِينَ؛ يُؤْمِنُونَ بِمَوَاعِيدِ اللَّهِ، وَيَخَافُونَ يَوْمَ الْجَزَاءِ؛ الْيَوْمَ الَّذِي يَشْخَصُونَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِمْ، وَيَجِدُونَ مَا عَمِلُوا حَاضِرًا. [الرسالة الثانية]

رسالة من جنابه إلى بعض أصحابه يعظه فيها ويحذّره من حبّ الدّنيا.

إِنَّ أَنْصَارَ الْمَهْدِيِّ مُتَخَلِّقُونَ بِأَخْلَاقِ الأَنْبِيَاءِ، وَمُتَأَدِّبُونَ بِآدَابِ الصِّدِّيقِينَ؛ يَخْضَعُونَ لِلْحَقِّ عِنْدَمَا يَتَبَيَّنُ لَهُمْ، وَيُعْرِضُونَ عَنِ الْبَاطِلِ عِنْدَمَا يَفْتَضِحُ عِنْدَهُمْ؛ لَيْسُوا بِمُتَعَصِّبِينَ وَلَا مُتَعَنِّتِينَ، وَلَا أَبْذِيَاءَ وَلَا مَهَاذِيرَ؛ لَا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ، وَيُجَانِبُونَ الْمُفْتَرِينَ؛ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِ فَضِيلَتِهَا، وَيُنْفِقُونَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَلَى الْفُقَرَاءِ؛ يَكْظِمُونَ الْغَيْظَ، وَيَتَجَاوَزُونَ عَنْ إِسَاءَةِ النَّاسِ؛ يُحْسِنُونَ بِوَالِدَيْهِمْ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى سُوءِ خُلْقِهِمَا؛ لَا يُهِينُونَ أَصْدِقَاءَهُمْ بِذَرِيعَةِ الصَّدَاقَةِ، وَلَا يَظْلِمُونَ أَعْدَاءَهُمْ بِحُجَّةِ الْعَدَاوَةِ؛ يُدَارُونَ الْجُهَّالَ، وَلَا يُمَارُونَ السُّفَهَاءَ؛ لَيْسُوا بِثَرْثَارِينَ وَلَا ضَحَّاكِينَ وَلَا نَوَّامِينَ وَلَا أَكَّالِينَ؛ يَمْسِكُونَ عِنَانَ شَهْوَتِهِمْ، وَلَا يُهْمِلُونَ جَانِبَ الْعِفَّةِ؛ لَيْسُوا زَائِغِي أَعْيُنٍ وَلَا قَلِيلِي حَيَاءٍ وَلَا مُرآئِينَ وَلَا هَذَّائِينَ؛ لَا يُوَالُونَ الْفَاسِقِينَ، وَلَا يُجَالِسُونَ الظَّالِمِينَ؛ يَشْتَغِلُونَ بِالْأَعْمَالِ النَّافِعَةِ، وَلَا يُضِيعُونَ وَقْتَهُمْ؛ يَأْنِسُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَعْرِفُونَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ؛ لَا يُنْكِرُونَ تَعَالِيمَ الْعَالِمِ وَلَا يُعَادُونَهُ، بَلْ يُجِيبُونَ دَعْوَتَهُ وَيُسَارِعُونَ إِلَى نُصْرَتِهِ، حِينَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْمَهْدِيِّ لِيَجْمَعَهُمْ لِنُصْرَتِهِ. [الرسالة الثانية]

جزء من رسالة جنابه يحذّر فيها المسلمين من عدم المعرفة، ويدعوهم إلى طلب العلم بالدّين، ومعرفة الحقّ والباطل.

اعْلَمُوا أَنَّ الدُّنْيَا قَدْ أَوْشَكَتْ عَلَى نِهَايَتِهَا، وَحَانَ آخِرُ الزَّمَانِ، وَبَزَغَ فَجْرُ الْمَوَاعِيدِ. الْآنَ نَعِيشُ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فِي عَصْرٍ قَدْ عَمَّ فِيهِ الْفِتْنَةُ وَالْهَرْجُ جَمِيعَ الْأَرْجَاءِ، وَشَاعَ فِيهِ الظُّلْمُ وَالْفَسَادُ، وَكَثُرَتِ الشُّبْهَةُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الشُّبْهَةُ «شُبْهَةً» لِأَنَّهَا تُوقِعُ الْإِنْسَانَ فِي «الْإِشْتِبَاهِ»، وَتَجْعَلُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ «مُشْتَبِهَيْنِ». فَلَوْ كَانَ الْحَقُّ وَاضِحًا لَمْ يَخْفَ عَلَى أَحَدٍ، وَلَوْ كَانَ الْبَاطِلُ سَافِرًا لَافْتَضَحَ عِنْدَ الْجَمِيعِ، لَكِنَّ الْحَقَّ يَتَوَارَى خَلْفَ سُحُبِ الْبَاطِلِ، وَالْبَاطِلَ يَتَقَنَّعُ بِقِنَاعِ الْحَقِّ، وَهُنَالِكَ يَصْعُبُ تَمْيِيزُهُمَا. لَقَدْ عَلِمَ الشَّيْطَانُ أَنَّهُ إِنْ يَدْعُكُمْ إِلَى الْبَاطِلِ وَيَأْمُرْكُمْ بِالضَّلَالَةِ صَرَاحَةً، لَا تُجِيبُوا دَعْوَتَهُ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَهُ، وَلِذَلِكَ عَنِ الْيَمِينِ يَدْعُوكُمْ إِلَى الْحَقِّ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْهِدَايَةِ، وَعَنِ الشِّمَالِ يُزَيِّنُ لَكُمُ الْبَاطِلَ حَتَّى تَرَوْهُ حَقًّا، وَيُسَوِّلُ لَكُمُ الضَّلَالَةَ حَتَّى تَحْسَبُوهَا هِدَايَةً! هُنَالِكَ تُجِيبُونَ دَعْوَتَهُ وَتُطِيعُونَ أَمْرَهُ، فَتَقَعُونَ فِي الْبَاطِلِ شَوْقًا إِلَى الْحَقِّ، وَتَخْضَعُونَ لِلضَّلَالَةِ بِاسْمِ الْهِدَايَةِ، وَعَصْرُنَا طَافِحٌ بِهَذِهِ الشُّبُهَاتِ. [الرسالة الثالثة]

جزء من رسالة جنابه يحذّر فيها المسلمين من عدم المعرفة، ويدعوهم إلى طلب العلم بالدّين، ومعرفة الحقّ والباطل.

أَفِيقُوا، وَاسْتَيْقِظُوا، وَقُومُوا! فَوَاللَّهِ لَا بُدَّ لَكُمْ مِنَ «الْمَعْرِفَةِ»، وَلَا يَسْتَقِيمُ أَمْرُكُمْ إِلَّا «بِالْعِلْمِ». الْآنَ يَدْعُوكُمُ الْمَعْرِفَةُ كَمَلَكٍ، وَيُنَادِيكُمُ الْعِلْمُ كَنَبِيٍّ، صَائِحًا فِي أَسْوَاقِكُمْ، وَهَاتِفًا عَلَى سُطُوحِ بُيُوتِكُمْ، أَنْ «يَا أَيُّهَا الْغَافِلُونَ! قَدْ أَدْبَرَ لَيْلُ الْغَفْلَةِ، وَطَلَعَ فَجْرُ الْمَعْرِفَةِ. فَالْآنَ اسْتَيْقِظُوا، وَسَارِعُوا إِلَيَّ، وَلَا يَصُدَّنَّكُمْ عَنِّي شَيْءٌ؛ لِأَنِّي أَكْثَرُ ضَرُورَةً لَكُمْ مِنْ قُوتِ يَوْمِكُمْ، وَأَكْثَرُ نَفْعًا لَكُمْ مِنْ مَكَاسِبِكُمْ وَأَهْلِيكُمْ. أَنَا الْوَحِيدُ الَّذِي يَبْقَى مَعَكُمْ، وَلَا يُفَارِقُكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فَإِنَّ أَمْوَالَكُمْ تَفْنَى، وَأَزْوَاجَكُمْ تَمُوتُ، وَأَوْلَادَكُمْ تَفْتَرِقُ، وَلَكِنِّي لَا أَفْنَى وَلَا أَمُوتُ وَلَا أُفَارِقُكُمْ أَبَدًا، بَلْ أَحْفَظُكُمْ كَمَا أَحْفَظُ نَفْسِي، وَأُوصِلُكُمْ مَعِي إِلَى الْخُلُودِ. إِنْ كُنْتُ مَعَكُمْ لَمْ يَضُرَّكُمْ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ أَكُنْ مَعَكُمْ لَمْ يَنْفَعْكُمْ شَيْءٌ. فَأَيُّ صَادٍّ يَصُدُّكُمْ عَنِّي، وَأَيُّ مُغْنٍ يُغْنِيكُمْ عَنِّي؟!»، هَكَذَا يَدْعُوكُمُ الْمَعْرِفَةُ إِلَى نَفْسِهَا، وَيُنَادِيكُمُ الْعِلْمُ إِلَى نَفْسِهِ. فَأَجِيبُوا دَعْوَةَ الْمَعْرِفَةِ، وَاسْمَعُوا نِدَاءَ الْعِلْمِ. قُومُوا لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَاهْتَمُّوا بِتَعَلُّمِ الصَّحِيحِ مِنَ الْخَطَإِ؛ وَمَا يَمْنَعُكُمْ مِنْ ذَلِكَ؟! وَمَعْرِفَةُ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ قِوَامُ إِنْسَانِيَّتِكُمْ، وَتَعَلُّمُ الصَّحِيحِ وَالْخَطَإِ أَسَاسُ شَخْصِيَّتِكُمْ. كَيْفَ يُسَمِّي نَفْسَهُ إِنْسَانًا مَنْ يُبْغِضُ الْمَعْرِفَةَ؟! وَلِمَ لَا يُسَمِّي نَفْسَهُ فَرَسًا مَنْ هُوَ بَعِيدٌ مِنَ الْعِلْمِ؟! عِلْمُ الْإِنْسَانِ عِمَادُ شَرَفِهِ، وَمَعْرِفَتُهُ سَبَبُ عِزَّتِهِ. لَا أَعْنِي بِالْمَعْرِفَةِ الرِّيَاضِيَّاتِ وَالْهَنْدَسَةَ وَمَا شَابَهَهُمَا، وَلَا أُرِيدُ بِالْعِلْمِ الْفِقْهَ وَالْأُصُولَ وَالْمَنْطِقَ وَالْفَلْسَفَةَ! هَذِهِ كُلُّهَا فَضْلٌ قَدْ أَصْبَحَ الْيَوْمَ فِتْنَةً، وَلَا تَقُومُ عَلَيْهَا إِنْسَانِيَّتُكُمْ! إِنَّمَا أُرِيدُ بِالْعِلْمِ تَمْيِيزَ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَأَعْنِي بِالْمَعْرِفَةِ تَشْخِيصَ الْهِدَايَةِ مِنَ الضَّلَالَةِ. كَمْ مِنْ فَقِيهٍ وَفَيْلَسُوفٍ قَدْ أُدْخِلَ النَّارَ، وَكَمْ مِنْ طَبِيبٍ وَمُهَنْدِسٍ لَمْ يَنَالِ الْفَلَاحَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفِ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَلَمْ يَعْلَمِ الْهِدَايَةَ مِنَ الضَّلَالَةِ! [الرسالة الثالثة]

جزء من رسالة جنابه يحذّر فيها المسلمين من عدم المعرفة، ويدعوهم إلى طلب العلم بالدّين، ومعرفة الحقّ والباطل.

الْمَعْرِفَةُ تَنْصُرُ صَاحِبَهَا، وَالْعِلْمُ يُنْجِي صَدِيقَهُ. هَذَانِ لَكُمْ كَالْمَاءِ لِلْعَطْشَانِ، وَالطَّعَامِ لِلْجَائِعِ، وَالدَّلِيلِ لِلتَّائِهِ، وَالْأَنِيسِ لِلْوَحِيدِ. هَذَانِ ظَهِيرٌ لَكُمْ، وَعَصًا لِأَيْدِيكُمْ. هَذَانِ دَوَاءٌ لِأَدْوَائِكُمْ، وَبَلْسَمٌ لِجُرُوحِكُمْ. هَذَانِ مِفْتَاحٌ لِأَبْوَابِكُمُ الْمُغْلَقَةِ، وَبَوَّابَةٌ إِلَى سَعَادَتِكُمْ. هَذَانِ رَأْسُ مَالِكُمْ فِي يَوْمِ حَاجَتِكُمْ، وَمُغِيثُكُمْ فِي يَوْمِ مَسْكَنَتِكُمْ. هَذَانِ لَكُمْ قَادَةٌ لَا يُضِلُّونَ، وَحُكَّامٌ لَا يَظْلِمُونَ. هَذَانِ لَكُمْ بُيُوتٌ لَا تَنْهَارُ، وَأَرَاضٍ دَائِمَةُ الْخَضَارِ. هَذَانِ لَكُمْ أَمْوَالٌ لَا تُسْرَقُ، وَعُمَّالٌ لَا تَنِي. هَذَانِ لَكُمْ أَزْوَاجٌ لَا تُفَارِقُ، وَأَوْلَادٌ لَا تَجْفُو. هَذَانِ لَكُمْ أَصْدِقَاءُ لَنْ يَخُونُوا، وَرُفَقَاءُ لَنْ يَخْذُلُوا. فَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِمَا، وَلَا يَصُدَّنَّكُمْ عَنْهُمَا شَيْءٌ. اعْرِفُوا الصِّدْقَ مِنَ الْكَذِبِ، وَالصَّحِيحَ مِنَ الْخَطَإِ؛ فَإِنَّ عَدَمَ الْمَعْرِفَةِ سَارِقُ دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ، وَعَدَمَ التَّمْيِيزِ سَبَبُ نَدَامَتِكُمْ. [الرسالة الثالثة]

في بيان أهمّيّة إقامة الصلاة وذمّ الذين لا يقيمون الصلاة.

إِنَّ الْجَهْلَ يُمْرِضُ الْقَلْبَ، وَالْغَفْلَةَ تُضْعِفُهُ، وَالذَّنْبَ يُمِيتُهُ، وَطُولَ الْأَمَدِ يُنَتِّنُهُ كَمَا يُنَتِّنُ الْمَيْتَةَ، ثُمَّ يَسْرِي كُلُّ مَرَضٍ وَضَعْفٍ وَمَوْتٍ وَنَتْنٍ فِيهِ إِلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ، فَيُفْسِدُهَا جَمِيعًا. فَتَدَارَكُوا جَهْلَكُمْ بِالْعِلْمِ، وَغَفْلَتَكُمْ بِالذِّكْرِ، وَذُنُوبَكُمْ بِالتَّوْبَةِ، مُسَارِعِينَ فِي ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَطُولَ عَلَيْكُمُ الْأَمَدُ فَتَعْجَزُوا. ثُمَّ مَنْ هَذِهِ الَّتِي تَنْفَخُ الْغُبَارَ مِنْ كُمِّهَا لِكَيْ لَا يُغَبِّرَهَا، وَلَا تَغْسَلُ النَّجَاسَةَ مِنْ بَدَنِهَا، وَقَدْ لَوَّثَتْهَا إِلَى عُنُقِهَا؟! أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَلَا يَدْخُلُ أَحَدُكُمُ السَّمَاءَ حَتَّى يَدْخُلَ الْأَبْوَابَ كُلَّهَا، وَمِفْتَاحُ الْبَابِ الْأَوَّلِ الصَّلَاةُ؟! فَصَلُّوا وَلَا تَقُولُوا لَا نُصَلِّي؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يُصَلِّي لَا يَصِلُ إِلَى السَّمَاءِ وَإِنْ صَامَ وَتَصَدَّقَ وَحَجَّ وَأَكْثَرَ مِنَ الْحَسَنَاتِ، بَلِ اللَّهُ رَبُّنَا لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُ وَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ. [القول ٤٧]

في بيان أنّه يكره استخدام بعض الآلات المحدثة إلا من ضرورة.

أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: أَهْدَيْتُ إِلَى الْمَنْصُورِ آلَةً مُحْدَثَةً لِرَاحَتِهِ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا وَقَالَ: إِنِّي لَغَنِيٌّ عَنْهَا، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لَأَكْرَهُ كَثِيرًا مِنْ هَذِهِ الْآلَاتِ الَّتِي أَحْدَثْتُمُوهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، قُلْتُ: لِمَ ذَلِكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ فَقَالَ: لِأَنَّهَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ، وَأَنَّهَا تُؤْتِيكُمُ الرَّاحَةَ وَتَسْلُبُكُمْ شَيْئًا كَثِيرًا. [الفقرة ١ من القول ٤٨]

في بيان أنّه يكره استخدام بعض الآلات المحدثة إلا من ضرورة.

أَخْبَرَنَا رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِنَا، قَالَا: كَانَ الْمَنْصُورُ يَكْرَهُ أَنْ يَمُسَّ نَقْدًا بِيَدِهِ كَأَنَّمَا يَسْتَقْذِرُهُ، فَيَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: خُذُوهُ، وَكَانَ لَا يَنْظُرُ إِلَى التِّلْفَازِ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، وَكَانَ لَا يَحْمِلُ مَعَهُ جَوَّالًا، وَكَانَ أَشَدَّ شَيْءٍ كَرَاهَةً عِنْدَهُ الْإِنْتِرْنِتُ، فَقُلْنَا لَهُ: أَحَرَامٌ هِيَ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أَجِدُ مِنْهَا قَسَاوَةً فَأَعَافُهَا. [الفقرة ٢ من القول ٤٨]

في تعريف الشهيد، وبيان أنّ من قُتل في طاعة حاكم غير خليفة اللّه في الأرض ليس بشهيد.

أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ الْهَاشِمِيَّ الْخُرَاسَانِيَّ عَنِ الشَّهِيدِ، فَقَالَ: مَنْ قُتِلَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَخَيْرُ الشُّهَدَاءِ مَنْ قُتِلَ مَعَ خَلِيفَةِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ أَوْ يَرْمِي بِسَهْمِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ سَأَلْتَ هَؤُلَاءِ الْجَبَابِرَةَ عَنْ قَتْلَاهُمْ لَقَالُوا إِنَّمَا قُتِلُوا فِي طَاعَةِ اللَّهِ! أَلَا فَمَنْ قُتِلَ فِي طَاعَةِ سُلْطَانٍ غَيْرِ خَلِيفَةِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ فَإِنَّمَا قُتِلَ فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ! فَلَا يَغُرَّنَّكُمْ هَؤُلَاءِ الْجَبَابِرَةُ لِيَأْكُلُوا أَنْفُسَكُمْ بِالْبَاطِلِ كَمَا يَأْكُلُونَ أَمْوَالَكُمْ! فَإِنَّ أَمْوَالَكُمْ قَدْ تُخْلَفُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَلَا تُخْلَفُ أَنْفُسُكُمْ إِلَّا فِي النَّارِ! [الفقرة ١ من القول ٥٠]

في بيان أنّ العمليّة الإنتحاريّة من أعمال الجاهليّة.

أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنِ الْمُسْلِمِ يَحْمِلُ فِي جَيْبِهِ قُنْبُلَةً، فَيَرْمِي حَتَّى إِذَا نَفِدَتْ سِهَامُهُ وَقَرُبَ مِنْهُ الْكَافِرُ فَجَّرَهَا، فَقَتَلَهُ وَقَتَلَ نَفْسَهُ، قَالَ: هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ، كَانَ إِذَا أُحِيطَ بِأَحَدِهِمْ فِي الْحَرْبِ يُنَادِي: «اقْتُلُونِي وَفُلَانًا»، فَيَقْتُلُهُ وَيَقْتُلُ نَفْسَهُ! فَمَكَثَ هُنَيَّةً ثُمَّ قَالَ: مَا أَلْفٌ مِنَ الْكُفَّارِ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا تَفْعَلُوا. [الفقرة ٢ من القول ٥١]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

رَوَى عَلِيُّ بْنُ بَابَوَيْهِ [ت٣٢٩ه‍] فِي «الْإِمَامَةِ وَالتَّبْصِرَةِ»، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ وَصَفْوَانِ بْنِ يَحْيَى وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَيْرَةِ وَعَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ كُلِّهِمْ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَدَعِ الْأَرْضَ إِلَّا وَفِيهَا عَالِمٌ يَعْلَمُ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ، فَإِذَا زَادَ الْمُؤْمِنُونَ رَدَّهُمْ وَإِنْ نَقَصُوا أَكْمَلَهُ لَهُمْ، فَقَالَ: خُذُوهُ كَامِلًا، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَالْتَبَسَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَمْرُهُمْ، وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: كَذَلِكَ نَقُولُ لِلنَّاسِ: خُذُوا الدِّينَ كَامِلًا لَا نُقْصَانَ فِيهِ وَخَالِصًا لَا زِيَادَةَ مَعَهُ؛ فَإِنَّمَا مَثَلُهُ كَمَثَلِ النَّارِ إِنِ ازْدَادَتْ حَرَّقَتِ الطَّعَامَ وَإِنْ نَقَصَتْ لَمْ تَطْبَخْهُ. [الباب ١، الدرس ٧٣]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ بِإِمَامٍ مَيِّتٍ؛ لِأَنَّ عِبَادَتَهُ فِيهَا إِقَامَةُ حُدُودِهِ وَتَنْفِيذُ أَحْكَامِهِ وَإِدَارَةُ أَمْوَالِهِ وَجِهَادُ أَعْدَائِهِ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إِلَى إِمَامٍ حَيٍّ، فَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ أَبْدَلَ اللَّهُ مَكَانَهُ مِثْلَهُ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ عَلَى سُنَّتِهِ فِي النَّسْخِ وَالْإِنْسَاءِ؛ كَمَا قَالَ: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَإِلَى قَوْلِي هَذَا أَشَارَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ- إِذْ قَالَ لِعِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَمَا إِنَّكَ يَا عِيسَى لَا تَكُونُ مُؤْمِنًا حَتَّى تَعْرِفَ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ، قَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَا مَعْرِفَةُ النَّاسِخِ مِنَ الْمَنْسُوخِ؟ قَالَ: أَلَيْسَ تَكُونُ مَعَ الْإِمَامِ مُوَطِّنًا نَفْسَكَ عَلَى حُسْنِ النِّيَّةِ فِي طَاعَتِهِ فَيَمْضِي ذَلِكَ الْإِمَامُ وَيَأْتِي إِمَامٌ آخَرُ فَتُوَطِّنُ نَفْسَكَ عَلَى حُسْنِ النِّيَّةِ فِي طَاعَتِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَذَا مَعْرِفَةُ النَّاسِخِ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَرُوِيَ أَنَّ الْمُعَلَّى بْنَ خُنَيْسٍ سَأَلَهُ عَنِ الْحَدِيثِ الَّذِي يُرْوَى عَنِ الْإِمَامِ الْمَاضِي، فَقَالَ: خُذُوا بِهِ حَتَّى يَبْلُغَكُمْ عَنِ الْحَيِّ، فَإِنْ بَلَغَكُمْ عَنِ الْحَيِّ فَخُذُوا بِقَوْلِهِ. [الباب ١، الدرس ٧٨]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ بِإِمَامٍ غَائِبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ فِي غَيْبَتِهِ أَنْ يُقِيمَ الْحُدُودَ وَيَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ وَيُنَفِّذَ الْأَحْكَامَ وَيُجَاهِدَ الْأَعْدَاءَ وَلَوْ تَنَاوَلَ ذَلِكَ غَيْرُهُ عَجَزَ عَنْ كَثِيرٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِيهِ وَلَا يُوَفِّقُهُ وَلَوْ أَدْرَكَ شَيْئًا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. [الباب ١، الدرس ٧٨]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

رَوَى عَلِيُّ بْنُ بَابَوَيْهِ [ت٣٢٩ه‍] فِي «الْإِمَامَةِ وَالتَّبْصِرَةِ»، عَنِ الْحِمْيَرِيِّ، عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ -يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: لَا تَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ ظَاهِرٍ أَوْ بَاطِنٍ.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ إِلَّا بِإِمَامٍ حَيٍّ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ عِبَادَتَهُ فِيهَا إِقَامَةُ حُدُودِهِ وَتَنْفِيذُ أَحْكَامِهِ وَإِدَارَةُ أَمْوَالِهِ وَجِهَادُ أَعْدَائِهِ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إِلَى إِمَامٍ حَيٍّ ظَاهِرٍ، فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ إِمَامًا حَيًّا ظَاهِرًا فَمَا أَتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا جَعَلَ لَهُمْ طَرِيقًا إِلَى عِبَادَتِهِ. فَإِنْ تَرَكُوا عِبَادَتَهُ فَلَيْسَ لِلَّهِ عَلَيْهِمْ حُجَّةٌ، إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ إِمَامًا حَيًّا ظَاهِرًا، فَحَمَلُوهُ عَلَى الْإِخْتِفَاءِ بِظُلْمِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ثُمَّ تَرَكُوا عِبَادَةَ اللَّهِ فَقَدْ جَعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْهِمْ حُجَّةً؛ كَمَا قَالَ: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ، وَقَالَ: ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِنْ جَعَلَ لَهُمْ إِمَامًا حَيًّا ظَاهِرًا فَقَتَلُوهُ بِظُلْمِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ إِذَا حَمَلُوهُ عَلَى الْإِخْتِفَاءِ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُظْهِرُوهُ إِذَا تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَلَكِنَّهُمْ إِنْ قَتَلُوهُ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُحْيُوهُ وَالْإِمَامُ إِذَا كَانَ مُخْتَفِيًا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعِينَهُمْ عَلَى التَّوْبَةِ وَالْإِصْلَاحِ بِدُعَائِهِ وَبَرَكَاتِهِ وَاتِّصَالِهِ بِبَعْضِ الصَّالِحِينَ وَرُبَمَا يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ مِنْ دُونِ أَنْ يَعْرِفُوهُ وَلَكِنَّهُ إِنْ مَاتَ لَا يَسْتَطِيعُ شَيْئًا وَلِذَلِكَ يَجُوزُ فِي عَدْلِ اللَّهِ وَلُطْفِهِ أَنْ يُخْفِيَ الْإِمَامَ إِذَا عَلِمَ مِنْ عِبَادِهِ الشَّرَّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمِيتَهُ مِنْ دُونِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ بَدِيلًا. [الباب ١، الدرس ٧٩]

في أنّ الأرض لا تخلو من رجل عالم بالدّين كلّه، جعله اللّه فيها خليفة وإمامًا وهاديًا بأمره.

قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: زَعَمَ بَعْضُ الْكَارِهِينَ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ أَنَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي أَنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ هُمْ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ، وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوا، بَلْ هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ يُوَافِقُ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، وَيُوَافِقُ الْعَقْلَ، كَمَا صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ [ت٤٩٥ه‍] فِي «الْمُسْتَدْرَكِ»، وَالْمَوْضُوعُ حَدِيثٌ صَحَّحُوهُ لِيُعَارِضُوا بِهِ الْحَقَّ، وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ»، وَهُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ يُخَالِفُ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، وَيُخَالِفُ الْعَقْلَ؛ لِأَنَّهُ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِـ«مَا يُوعَدُونَ» الْعَذَابَ أَوِ السَّاعَةَ فَلَمْ يَأْتِيَا أُمَّتَهُ إِذْ ذَهَبَ أَصْحَابُهُ، وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ الْإِخْتِلَافَ فَقَدْ أَتَاهُمْ وَأَصْحَابُهُ فِيهِمْ، بَلْ أَصْحَابُهُ أَسَّسُوا بُنْيَانَهُ بِاخْتِلَافِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَمَا كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ، وَلَمْ يَقُلْهُ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، وَهُوَ رَجُلُ سَوْءٍ يُبْغِضُ عَلِيًّا وَيُوَالِي أَعْدَاءَهُ، وَقَدْ شَهِدَ عَلَى حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَمْرٍ مِنْ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ، وَالظَّنُّ أَنَّهُ حَرَّفَ الْحَدِيثَ بُغْضًا لِأَهْلِ الْبَيْتِ، وَالْجَاهِلُ مَنْ أَمِنَهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَالصَّحِيحُ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا، وَقَدْ جَاءَ مِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ. [الباب ١، الدرس ٨٢]

الإمام المهديّ بمقتضى قاعدة ﴿إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، هو من الناحية الجسديّة مثل سائر الناس، وبالتالي يتأثّر بالعوارض الطبيعيّة؛ كما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والأنبياء من قبله يتأثّرون بها، لدرجة أنّ امرأة إبراهيم عليه السلام قالت: ﴿يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ وأنّ إخوة يوسف عليه السلام قالوا: ﴿يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا وأنّ زكريّا عليه السلام قال: ﴿رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وقال: ﴿رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا. نعم، لا بدّ أن يكون الإمام المهديّ قويًّا على القيام بشؤون الإمامة حين ظهوره، وقد جاءت روايات من أهل البيت تشير إلى أنّه يظهر في صورة شابّ على الرغم من شيخوخته؛ كما روي عن الحسن بن عليّ أنّه قال: «يُطِيلُ اللَّهُ عُمُرَهُ فِي غَيْبَتِهِ، ثُمَّ يُظْهِرُهُ بِقُدْرَتِهِ فِي صُورَةِ شَابٍّ دُونَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ذَلِكَ لِيُعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»... وهذا -إن صحّ- لا يتعارض مع أنّه بشر مثل سائر الناس؛ لأنّ الشيخ إذا كان له طبع سليم ومزاج مستقيم وجسم قويّ ورزق طيّب فإنّه يبدو شابًّا، ومن الممكن أن يكون ذلك كرامة له وآية من اللّه تعالى؛ كما روي أنّ عمرو بن الحمق الخزاعي سقى النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال: «اللَّهُمَّ مَتِّعْهُ بِشَبَابِهِ» فمرّت عليه ثمانون سنة ولم ير شعرة بيضاء، وممّا لا شكّ فيه أنّ الإمام المهديّ سيكون قويًّا على القيام بشؤون الإمامة عندما يظهر، سواء كان في صورة شابّ أو في صورة شيخ، ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. [السؤال والجواب ٢٥]

منهج الإمام المهديّ في تعريف أهل العالم بالإسلام هو منهج جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ومنهج جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هو دعوتهم إلى أحد الثلاثة:

١ . اعتناق الإسلام الحقيقيّ وترك الدّيانات الباطلة

٢ . الخضوع لحكم الإسلام الحقيقيّ مع بقائهم على دياناتهم

٣ . القتال

طبعًا من الواضح أنّه نظرًا لعلمه الكامل بما أنزل اللّه بمقتضى كونه خليفة اللّه في الأرض، وطهارته الكاملة من أيّ رجس بمقتضى كونه من أهل البيت، يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة عندما يكون داعيًا، ويحكم بالعدل عندما يكون حاكمًا، ويراعي جميع أحكام اللّه فيما يتعلّق بالقتال والسّلم والجزية والأمان والأسرى والغنائم عندما يكون مقاتلًا، ولا يظلم أحدًا في أحد من الثلاثة. [السؤال والجواب ٦٧]

لقاء المهديّ، على القول بوجوده في الوقت الحاضر، ممكن لكلّ من يواجهه، لكنّ معرفته قبل ظهوره غير ممكنة إلا لمن لديه حظّ كافٍ من العقل والتقوى ولا يعرّضه للخطر بعلم أو بغير علم. لذلك، من المحتمل أن كان من رآه أكثر المدّعين للقاء المهديّ في حالات غير عاديّة وظنّوا أنّه المهديّ غير المهديّ، كملك أو جنّيّ أو رجل من الصالحين. ثمّ لا شكّ أنّ أنفع لقاء مع المهديّ ممكن بعد ظهوره وسلطنته ولذلك، ينبغي للذين يأملون لقاءه أن يلحقوا بالممهّد لظهوره ويعينوه على تسليطه، بدلًا من تعذيب أنفسهم في زوايا البيوت بالعبادات التي لم يكتبها اللّه تعالى عليهم! [السؤال والجواب ٧٣]

لقاء الإمام المهديّ عليه السلام مع الذين يدّعون لقاءه وهم متلبّسون بظلم أو ضلال بيّن بعيد للغاية؛ لأنّ لقاءه معهم، من جانب يخالف الإحتياط والمصلحة ومن جانب آخر، لا يمكن إلا مع زجرهم عن ظلمهم وضلالهم؛ كما أنّ ادّعاء الذين ينسبون إلى الإمام المهديّ عليه السلام قولًا أو فعلًا مخالفًا ليقينيّات الإسلام هو مجرّد كذب وافتراء عليه، وهذا ظلم شائع جدًّا بين الأدعياء وأتباعهم؛ لدرجة أنّ بعضهم لإثبات عقائدهم وأعمالهم المخالفة للعقل والشرع يدّعون أنّهم قد لقوا الإمام المهديّ عليه السلام وأنّه هو الذي قد أمرهم بها، في حين أنّ هذا الإدّعاء هو مجرّد كذب وافتراء عليه. من الواضح أنّ من علّم هؤلاء عقائد وأعمالًا مخالفة للعقل والشرع لم يكن الإمام المهديّ عليه السلام، بل كان الشيطان الذي يتراءى لأوليائه في صور مختلفة ويضلّهم عن سبيل العقل والشرع، وهذه حقيقة مفزعة كشف عنها المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى في بعض حِكمه... [السؤال والجواب ٧٣ التعليقات]

لم يرد في الروايات ما يفيد العلم بما سيحدث بعد المهديّ كما بيّنّا ذلك، ولكن ورد فيها ما يفيد احتمالات أربعة:

١ . تقوم الساعة.

٢ . يرجع بعض الخلفاء السابقين إلى الدّنيا.

٣ . يقوم بالأمر رجال مهديّون.

٤ . يقوم بالأمر عيسى بن مريم عليه السلام، ... وهو أقرب الإحتمالات وأقواها؛ لدلالة القرآن والسنّة على نزول عيسى بن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة، وتواتر الروايات في وقوع ذلك على عهد المهديّ، وعدم وجود دليل على موته قبل موت المهديّ، بل روي ما يدلّ على أنّه يعيش بعد المهديّ. [السؤال والجواب ١٠٨ التعليقات]

حقيقة أنّك لم تكن تعرف العلامة المنصور الهاشمي الخراساني حفظه اللّه تعالى ولم تسمع باسمه من قبل، لا تعني أنه غير موجود؛ كما قال العقلاء: «عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود»، وكما أنّك بالتأكيد لا تعرف الكثير من علماء العالم الإسلاميّ في بلاد مختلفة ولم تسمع بأسمائهم، ومع ذلك فإنّهم موجودون، وسواء كنت تعرف ذلك أم لا، فإنّهم يباشرون أنشطتهم العلميّة والثقافيّة. بالإضافة إلى ذلك، من الواضح أنّ «الإنترنت» ليست لوح اللّه المحفوظ حتّى تحتوي على السير والصور لجميع عباد اللّه، بل هي شبكة أنشأها الكفّار والظالمون لترويج ثقافتهم ونشرها في العالم ولذلك، فإنّ السير والصور الخاصّة بهم وأوليائهم وفيرة فيها، ولكنّ السير والصور للعديد من عباد اللّه الصالحين غير موجودة فيها! نعم، للأسف، أنت تحت تأثير إيحاءات الجهلة والمرضى وأصحاب الدعايات المغرضة، وإلا فإنّك تعلم أنّ أكثر عباد اللّه الصالحين هم الذين هم مجهولون ويهربون من الشهرة، وهذا لا يعني أنهم غير موجودين، بل ربما يكون وجود الآخرين بيُمن وجودهم، وببركة وجودهم يُمهَلون! أولئك الذين وصفتهم الروايات بأنّهم «فِي الْأَرْضِ مَجْهُولُونَ وَفِي السَّمَاءِ مَعْرُوفُونَ»... على أيّ حال، تذكّر أنّ الحكيم هو الذي لا يعرف الحقّ بالرجال، بل يعرف الرجال بالحقّ، في حين أنّ الجاهل يفعل عكس ذلك، فيحسب شهرة الرجال دليلًا على أنّهم حقّ، وعدم شهرتهم دليلًا على أنّهم باطل! هذا جهل واضح بالتأكيد! [الشبهة والرّدّ ٣]

الخبر المنسوب إلى النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في ظهور ٧٣ فرقة بعده إحداها «ناجية» وسائرها أهل النار، هو خبر واحد وغير يقينيّ، وقد بيّن المنصور الهاشمي الخراساني بالتفصيل عدم حجّيّة مثل هذه الأخبار في مباحث من كتابه مثل مبحث «رواج النّزعة الحديثيّة». بغضّ النظر عن حقيقة أنّ أكثر أسانيد هذا الحديث ضعيفة في رأي أهل الحديث، وأنّ ذيله المشهور الذي يقول أنّ الفرقة الناجية هي الجماعة وأنّ الجماعة هي ما كان عليه النبيّ وأصحابه، لا يمكن الإلتزام به، نظرًا للإختلاف الشديد في أقوال وأفعال أصحاب النبيّ، بل يشمّ منها رائحة الوضع. بالإضافة إلى أنّ صدره لا يتوافق مع الواقع المحسوس والخارجيّ؛ لأنّ ظهور ٧٣ فرقة بين المسلمين بعد النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ليس ثابتًا، بل لعلّ الثابت خلافه؛ بالنظر إلى أنّ فرق المسلمين المذكورة في كتب الملل والنحل هي أكثر أو أقلّ بكثير من هذا العدد، وحذف بعضها وإضافة بعضها لانطباقها على هذا العدد ليس ممكنًا إلا بتكلّف كثير، بل هو في الغالب ترجيح بلا مرجّح... إنّا لم نضعّف جميع أسانيد هذا الحديث، بل قلنا بصراحة: «إنّ أكثر أسانيد هذا الحديث ضعيفة في رأي أهل الحديث»، وهذا يعني أنّ بعض أسانيده صحيحة في رأيهم، وإن كان فيهم من يضعّف كلّها، مثل ابن حزم (ت٤٥٦هـ) إذ قال في هذا الحديث: «لَا يَصِحُّ أَصْلًا مِنْ طَرِيقِ الْإِسْنَادِ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلَيْسَ حُجَّةً عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَكَيْفَ مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ؟!»، ومال إلى قوله ابن تيميّة (ت٧٢٨هـ) في منهاج السنّة النبويّة، وقال الشوكاني (ت١٢٥٠هـ) «أَنَّ زِيَادَةَ <كُلُّهَا فِي النَّارِ> لَمْ تَصِحَّ لَا مَرْفُوعَةً وَلَا مَوْقُوفَةً»، ولا خلاف بينهم في أنّ أكثر أسانيده ضعيفة. [الشبهة والرّدّ ٧]

إنّ الوجوب والحرمة لإقامة الحدود الإسلاميّة على المقصّرين ليسا من جهة واحدة حتّى يكونا متناقضين، ولكنّهما من جهتين مختلفتين؛ كما هو الحال في اجتماع الأمر والنهي الشرعيّين في موضوع واحد، إذ يجتمع عمل واجب مثل الصلاة مع عمل حرام مثل الغصب، كمن يغصب مكان رجل بالصلاة فيه؛ لأنّه من الواضح أنّ الصلاة في هذه الحالة محرّمة من جهة أنّها غصب وواجبة من جهة أنّها عبادة مفترضة، وليس هناك أيّ تناقض لاختلاف الجهتين، وهذه هي الحال في الوجوب والحرمة لإقامة الحدود الإسلاميّة على المقصّرين، والأشبه أنّها هي من باب حرمة القيام بذي المقدّمة قبل القيام بالمقدّمة؛ كما أنّ الصلاة واجبة ولكنّها غير جائزة لمن ليس على طهارة، بحيث أنّه إذا صلّى بغير طهارة فقد أثم، وليس في هذا أيّ تناقض؛ لأنّ حرمة الصلاة في نفس الوقت الذي هي واجبة فيه أمر حدث بسوء اختيار من المكلّف. [الشبهة والرّدّ ٨]

يعتقد السيّد العلامة المنصور الهاشمي الخراساني أنّ وجوب إقامة الحدود الإسلاميّة على المسلمين هو «وجوب ضمنيّ»؛ بمعنى أنّها واجبة في ضمن إقامة كلّ الإسلام وليست واجبة بمفردها؛ مثل الركوع الذي يجب إتيانه في ضمن الصلاة ولا يعتبر واجبًا في غير الصلاة، إلا أنّ الصلاة واجبة، وبالتالي فإنّ الركوع واجب. لذلك، لو أنّ رجلًا تاركًا للصلاة ركع، فإنّه لم يصلّ بقدر ركوعه ولم يحصل على ثواب الركوع، بل ركوعه باطل ولا يغني من الصلاة شيئًا؛ لأنّه قد تمّ تشريعه باعتباره جزءًا من الصلاة. هذه هي الحال في إقامة الحدود الإسلاميّة؛ فإنّها واجبة في ضمن إقامة كلّ الإسلام ولا تعتبر واجبة في غيرها، إلا أنّ إقامة كلّ الإسلام واجبة، وبالتالي فإنّ إقامة الحدود الإسلاميّة واجبة. لذلك، لو أنّ رجلًا أقام حدًّا قبل أن يقيم أحكام الإسلام التمهيديّة، فإنّه لم يعدل ولم يؤجر، بل ظلم وأثم؛ لأنّ الحدّ قد تمّ تشريعه باعتبار أنّه أحد أحكام الإسلام المتناسبة وأنّه سيتمّ إقامته مع إقامتها... الحاصل أنّه يجب على المسلمين إقامة الحدود الإسلاميّة بإظهار المهديّ عليه السلام وإيصاله إلى الحكومة، وإذا لم يفعلوا ذلك، فإنّ إقامة الحدود الإسلاميّة من قبلهم تشبه الصلاة بغير وضوء. [الشبهة والرّدّ ٨]

من الواضح أنّ كلّ من يؤمن بوحدانيّة اللّه في التكوين والتشريع والتحكيم، ويؤمن بنبيّه الخاتم محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ولا ينكر شيئًا من أركان دينه مثل الكتاب والملائكة والقيامة والقبلة والصلاة والزكاة والصيام والحجّ والجهاد، هو مسلم وإن لم يكن في سائر عقائده يفكّر مثلك وكان لديه تفسير مختلف، وهذه حقيقة معلومة من كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم المتواترة واتّفق عليها السلف الصالح، لدرجة أنّها قد تعتبر من واضحات الإسلام وينسب منكرها إلى الجهل والضلال. لذلك، من الواضح أنّ «جميع الشيعة» لا يعتبرون كفّارًا ومشركين؛ لأنّ معظمهم يؤمنون بوحدانيّة اللّه ونبيّه الخاتم وأركان دينه، وعليه فإنّ اعتبار جميعهم كفّارًا ومشركين حتّى لو كان ذلك بسبب بعض انحرافاتهم وأخطائهم، هو تحكّم وتعسّف محض. [الشبهة والرّدّ ١١]

نظرة في كتاب «العودة إلى الإسلام» للمنصور الهاشمي الخراساني
السيّد محمّد صادق جواديان

المؤلّف، بعد فحص النصوص الإسلاميّة القطعيّة المشتملة على آيات القرآن وأحاديث النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم المتواترة، يثبت بطريقة متقنة وقابلة للقبول من قبل جميع المسلمين وبعيدة عن أيّ توجّه مذهبيّ، أنّ الخلفاء بعد النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم اثنا عشر رجلًا من أهل بيته أوّل ثلاثة منهم عليّ والحسن والحسين وآخرهم المهديّ. ثمّ يقوم بدراسة قضيّة المهديّ ودوره في تحقيق المثل الأعلى للإسلام وهو العدل العالميّ، ويقدّم في هذا الصدّد تفاصيل دقيقة وعميقة هي بديعة وغير مسبوقة بالكامل. على سبيل المثال، فإنّه خلافًا للآخرين الذين يعتقدون أنّ ظهور المهديّ يعتمد أولًا على إرادة اللّه وفعله ويتوقّف على حكمته، يعتقد أنّه يعتمد أولًا على إرادة الناس وفعلهم ويتوقّف على استعدادهم ويؤكّد بشكل صريح وحاسم أنّ وصولهم إلى المهديّ ممكن، وبالتالي يجب عليهم أن يفكّروا فقطّ في حفظه ودعمه وطاعته وأن لا يشتغلوا بالحفظ والإعانة والطاعة لأحد غيره كائنًا من كان. [المقالة ١]

نظرة في كتاب «العودة إلى الإسلام» للمنصور الهاشمي الخراساني
السيّد محمّد صادق جواديان

يبيّن الهاشميّ في تكملة كتابه أهمّ مبدأ في الاسلام وهو التوحيد ويقسّمه إلى ثلاثة أقسام: التوحيد في التكوين والتوحيد في التشريع والتوحيد في التحكيم أو الحكم شارحًا لكلّ منها بالتفصيل. ثمّ يقوم بتبيين سائر أصول عقائد الإسلام وأحكامه ويعيد تعريف كلّ منها بطريقة بديعة؛ كما يفتح أبوابًا جديدة في الزكاة والحجّ والجهاد لأهل الفقه، ينفتح من كلّ باب أبواب أخرى. بهذه الطريقة، فإنّه مستندًا إلى القواعد العقليّة الواضحة ومستشهدًا بالنصوص الشرعيّة القطعيّة التي ليست سوى آيات القرآن وأحاديث النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم المتواترة، يعيد تعريف عقائد الإسلام وأحكامه ويقدّم قراءة جديدة ومختلفة له يمكن اعتبارها مدرسة وأيديولوجية إسلاميّة قادرة على إحداث ثورة في موقف ونهج مسلمي العالم وتمهيد الطريق لوحدتهم وتقاربهم في المستقبل القريب وتغييرات كبيرة وأساسيّة في هياكلهم السياسيّة والثقافيّة. نحن نوصي جميع مسلمي العالم وخاصّة أهل العلم بقراءة هذا الكتاب الهامّ والمؤثّر، ونتوقّع منهم ومن مسؤولي الدّول الإسلامية التحلّي بالصبر والحلم اللازمين في التعامل معه، مراعاة لحرّيّة الفكر والتعبير، والتزامًا بالأخلاق الإسلاميّة وآداب المناقشة العلميّة، وتجنّبًا للمواجهات المتسرّعة واللاعقلانية مع الفكر والمفكّرين. [المقالة ١]

من لا يقرأ كتاب العودة إلى الإسلام أو يقرأه ولا يستفيد منه؟
رضا غفوريان

مجموعة من الناس ليسوا على علم بنشر الكتاب الشريف «العودة إلى الإسلام». هذه فجوة يجب ملئها في أسرع وقت بمساعدة المسلمين على مزيد من الإعلام حول هذا الكتاب الشريف حتّى يأتي يوم لا يوجد مسلم ليس على علم به ولم يقرأه ولم يفهمه... مجموعة من الناس قد تناولوا الكتاب وقرؤوه، لكنّهم لم يفهموه أو بعض أجزائه بشكل كامل وصحيح ولذلك لا يهتمّون به. من الواضح أنّ هذه المشكلة لها حلّ بسيط. جميع المسلمين الذين فازوا بتناول هذا الكتاب من طرق شتّى، يمكنهم حلّ مشاكلهم في فهمه من خلال الرجوع إلى قسم الشروح وقسم الشبهات والردود وقسم الأسئلة والأجوبة من الموقع الإعلامي للعلامة المنصور الهاشمي الخراساني... مجموعة من الناس قد تناولوا الكتاب بطريقة ما ولكن لم يدركوا أهمّيّته أو لم يجدوا فرصة لقراءته بتركيز بسبب المشاكل اليوميّة ولذلك وضعوه في الأولويّات التالية أو تركوه في زاوية بعيدة. مع الأسف، إنّ الروتينات والمشاكل الجارية للحياة ألم شائع يمنع الإلتفات إلى الحقيقة، لكن في الواقع إذا علم الناس أنّ حلّ مشاكلهم اليوميّة هذه كارتفاع الأسعار واستئجار المسكن ومشاكل تعليم الأطفال وتربيتهم والمشاكل العائلية وما شابه ذلك، هو مكتوب في كتاب «العودة إلى الإسلام»، عسى أن يخصّصوا في بحبوحة الروتينات والمشاكل وقتًا لقراءة هذا الكتاب والتدبّر فيه ويتغيّر رأيهم حوله تمامًا ويقرؤوه بالكثير من الفضول والدقّة. [المقالة ٣]

من لا يقرأ كتاب العودة إلى الإسلام أو يقرأه ولا يستفيد منه؟
رضا غفوريان

مجموعة من الناس هم الذين قد قرؤوا الكتاب وأدركوا الحقائق الموجودة فيه، لكن بسبب القمع والضغط الحاكمين على البيئة السياسية في بلدهم قد يخافون أن يتكلّموا حوله! ما يجب ذكره لهؤلاء الناس، هو الخوف من اللّه ويوم القيامة؛ لأنّ محتوى هذا الكتاب ليس إلا الإسلام الخالص والكامل القائم على أساس اليقينيّات أعني آيات القرآن والسنّة المتواترة والبراهين العقليّة المحكمة وهو مثال واضح على المعروف. لذلك، إنّ الدعوة إليه هي مثال واضح على الأمر بالمعروف وبالتالي واجبة. بناء على هذا، إنّ من يخاف مؤاخذة الحكومات أكثر ممّا يخاف مؤاخذة اللّه، ليس بشخص ذكيّ وحكيم، بل هو خاطئ وسيصبح خاسرًا ونادمًا. [المقالة ٣]

من لا يقرأ كتاب العودة إلى الإسلام أو يقرأه ولا يستفيد منه؟
رضا غفوريان

إنّ بعض الناس يقرؤون الكتاب ويفهمونه، لكنّهم لا يقبلونه ولا يستحسنونه أو بعض أجزائه على الأقلّ، نظرًا إلى كونه جديدًا بديعًا واختلافه الواضح عن القرائات الرائجة والمشهورة. هذه الطريقة أيضًا طريقة غير صحيحة؛ لأنّ كلّ شيء ما سوى اللّه سبحانه حادث وتمّ إيجاده في زمان ما وهذا لا يدلّ على كونه باطلًا! في الواقع، إنّ نفس العقائد والأعمال القديمة التي يعتبرها الناس صحيحة وقد اعتادوها، لم تكن موجودة من اليوم الأوّل وتعتبر جديدة وبديعة بالنسبة إلى العقائد والأعمال السابقة عليها وإن قبلنا هذه الطريقة فلا يبقى أيّ حقّ! من الواضح أنّ هذه عادة خاطئة ولها جذور نفسية وذهنيّة وتجب إزالتها. إنّ الطريقة الصحيحة التي مدحها القرآن هي استماع جميع الأقوال بغضّ النظر عن زمانها ومكانها وقائلها ثمّ اتّباع أحسنها استنادًا إلى العقل بصفة معيار المعرفة بمعزل عن موانع المعرفة. [المقالة ٣]